وازدان رفيع منيع رقيمها بمصابيح السليقة العربية التي اختارها الله لأفضل نبي وأجل كتاب. فلا برحت قريحته السمحة السليمة عذيب بارق نصاح ينابيع الأدب. ولا انفكت مجلية تصلي وراها لواحق آداب من تأدب. وذلك أنها أخذت بجميع مجامع أحاسن أجناس القول وفصوله. ولم تدع نوعاً من محاسن الاحسان إلا وأحاطت بذاتيته وعرضيته ومقطوعه وموصوله. ولا غادرة بهيج زخرف بديع إلا وسحبت فواضل حبر حسنه في ميادين ايحاز الاعجاز وتطويله. محيطه بفنون الافتنان فلذلك انتظمت في أساليب الحسن. في كل فن منعمة بلطيف الادماج المسير بلطيف طرقه إلى استتباغ كل معنى حسن. لم تترك طريقاً من البلاغة إلا طرقته. ولا معنى من الفصاحة إلا خرقته. فلم تدع لمتكلم في قوس المعاني مترعاً. ولا أبقت لمنطيق في مواضع الاحسان موقعاً. فبماذا يجي من حاول الجواب لذلك القول الجامع. وقد أخذ من جميع طرق الاحسان بالمجامع. إلا عسى بالاغارة على ما حوته من اللفظ والمعنى. والقنوع بأنواع هنات السرقات ومن ذا بالسرقات استغنى. ولو شاء موشيها لترك للاجابة طريقه. ووسع لمخاطبه في الاشتفاء بمطارحته طريقه. فكم أردت ذلك فتبين بعد المناسبة بين بيانه وبياني. وكنت كلما حاولت ذلك يضيق صدري ولم ينطق به لساني. فلم أر في شرع البلاغة مجيزاً. لأن أقابل بحديد فكري من معدن ذهب منشيها ابريزاً. لكن لزوم الاجابه. أوجبها مع الاصابه وغير الاصابه. ولو اشترط استواء الابتدا والجواب في حسن المخاطبه. وأن لا يتفاوتا في كمال المناسبة.

لما سمى رجع الصدا جواباً ولا عدت حركات الحواجب وغمزات الجفون بين الأحباب خطاباً لكن ذلك عجز لماء حوض ملىء سري سروراً به حتى قال قطنى فلم أفزع منه على ما فاتني من الاحسان سنى. إذا كان عجزاً ممن يقول أنا منك وأنت مني وأقول له أنا أبوك وأنت ابني وإني لي بالشكر على ذلك وهو ممن يقول أنت شجري وأقول له أنت ثمري فغير بدع أن تفضل الشجرة الثمره فليجعل الولد البر من بره أن يعذر أباه عن عجزه في الاساءة فضلاً عن الاحسان فان أباه ولكنه عجزاً عاد الفرح به شباب السرور. وشب نار الحياة في القلب فشب شيخ السرور والحبور. فلا برحت غريزتك في العلوم النون. ولسانك في البيان القلم وصدرك اللوح وما يسطرون. والله سبحانه أسال أن يجعلك ممن هو على خلق عظيم وأجره غير ممنون. وأن لا يقطع عنك وعنا المراعاة بمعقبات رعايته إنه حميد مجيد. صبور رشيد. وسلام على المرسلين. والحمد لله رب العالمين. والسلام ومن نظم السيد محمد المذكور هذه القصيدة الطائيه التي خاطب بها ابن عمه السيد عز الدين محمد بن شمس الدين بن شرف الدين وعاتبه فيها لكلام بلغه عنه

أعاتبه وهو المليك المكرم ... وقبل افتتاحي بالعتاب أسلم

سلام على أخلاقك الغر كلما ... تألق علويّ السنا المتبسم

سلام كزهر الروض صافحه الصبا ... وراح بريا نشره يتنسم

كماء الصبا يجري بخد خريدة ... فيزهو به ورد الخدود المنعم

سلام كأنفاس الحبيب اعتبقنه ... ففاح به ثغر شهي ومبسم

على حضرة الملك الأعز الذي له ... على صهوات النجم خيم مخيم

له شرف تهوى الدراري لوانها ... لها شرف والشأو أعلى وأعظم

وبيت تملى فيه ذرارة ما أحبتي ... ولا نهشل فيه يسوح مفخم

ولكنه بنيان مجد يشيده ... امام محن أو مليك معظم

قواعد مجد للفخار قديمة ... تأخر عن أدنى مداها المقدم

ليحيى أمير المؤمنين أساسها ... وفيها لشمس الدين مثوى وملزم

وقفاهما في بيت رفع علاهما ... فيقضي عليهم ما يشاء ويحكم

هو الفارس الحامي الذمار محمد ... حميد الثنا بدر الكمال المتمم

بدا في سماء الفخر شمساً منيرة ... تطيف به من آله الغرم أنجم

همام له فوق المجرة همة ... مضت حيث لا يمضي الحسام المصمم

وليث هصور يتقى جيشه به ... وطيس الوغى والحرب نار تضرم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015