هذا وأنا أهدي إلى سيدي سلاماً رقيق الورود دقيق البرود. ألطف من ورد الخدود وأحسن من تفاح النهود. وأعذب من ماء البارق. وأرق من فؤاد العاشق. وأزهى من نور غيضه. وأبهى من روضة في بيضه. وأبهج من خريدة مشنفه. في حبرات مفوفه. وأحلى من رشف الثغور. وأسنى من الدر في نحور الحور. سلاماً لو تصور لكان مسكاً فائحاً. ونوراً لائحاً. يفوح في مقعد صدق قدسي. ويلوح من فوق عرش وكرسي. تهبط السكينة بأسراره المصونة. وتنزل به الملائكة والروح. إلى تلك الربوات والسوح. ويغشى تلك النفوس. التي لا يتلوث بها رحيق رجس النفوس. ويحيها عن الحي القيوم. بختام الرحيق المختوم. ورحمة الله سبحانه. وروحه وريحانه. فراجعه والده بقوله

رجوع شباب أم ورود كتاب ... أزال خطوباً للنوي بخطاب

وأبدل وهني قوة وأعاد لي ... وقد كنت شيخاً عنفوان شبابي

سطور بها شرح الصدور وجدتها ... طلاسم قد جاءت بكل عجاب

فعلقها عند الكروب تميمة ... لتفريج هم أو لنيل طلاب

وما ذاك نفث السحر إذ هو باطل ... وهذى أنت ملأي بكل صواب

فلا غرو أن غاضت مياه قريحتي ... وتاه بها عقلي وغاب صوابي

فإني ترى لي في الاجابة مسلكاً ... يناسبها إن رمت رد جوابي

فبسطاً لعذري أيها الولد الذي ... بخفض جناح منه رفع جنابي

روضة بلاغة أنيقه. وحديقة فصاحة غديقه سقت سماء المعاني أرض ألفاظها كإنباتها وهبت عليها لواقح البيان فنتجت في أحسن الصور أبناؤها وبناتها. وتبختر فيها ربيع البديع بزخرف حلل أنوار أنواره. فاهتزت وربت بزواهي زواهر مكنونات أسراره. فأوراقها من ورق الجنه. وأزهارها ضاحكة مفتنه. مفترة عن كل ثغر بديع. فكل فصولها دائمة الفواكه دانية القطوف وكل فصل منها ربيع. تتبادر فرسان نفائس المعاني على مضمرات سراكيب تراكيبها من يكون المجلى والسابق. ويتنافس منظومها ومنثورها في السبق إلى ما بين العذيب وبارق. فكلها مجل هناك لا مقبل ولا لاحق. فقر تبالغت في البلاغة إلى أن غدت لفوائد أساليبها خوارق. موشحة بسموط نظم لها معبد من نفسها ومخارق. خآر يد لم ترض همة منشيها من أبكارها إلا ما هو مبتكرها. وأبت أنفة قريحته التزين بعواري العواري وألذ لذوقه. مكررها. فبرزت للجنان جنان حور عين لم يمطمثهن أنس قبله ولا جان. فلا ينفعك المتنعم بها كل آن هو في شان.

حتى ينتهي إلى ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على الأذهان. ولم لا يكن كذلك ومنشئها ذو اليد البيضاء في معجزات البلاغة الذي آنس من جانب الطور نارا. والضارب بقلمه بحرها فلم يقبل الدر إلا كباراً. فلذلك رجع وهو من نفثة سحرها الكريم الكليم. وأصبح وعصى حجته تلقف ما صنع منهم كل سحار عليم. حتى ألقى سحرتها سجداً ومؤمنين برب حديثها القديم. قد رأوا من آياته عجباً من أسرار كهف صدره والرقيم بل هو ناموس البلاغة خاتمهم الأحمد المحمد. وكيف لا يكون كذلك وهو من العترة المحمديه ابن عبد الله محمد. فعليه من السلام أسناه. ومن الثناء أنماه وأهناه. وبعد فإن الولد الفذ البذ. المتخلق من طيب الخلال بما طاب وعذب ولذ. نور مصابيح زجاجات القلوب وروح الأرواح. وهز معاطف الأعطاف ورنح أغصان الأشباح. وسر أسرار نفيس الأنس وشرح سطور الصدور. بنفائس عرائس حور المعاني المقصورات من الاعجاز في القصور. التي اقتعدت مقاعد الصدق من صدور تلك الدور. التي كل موضع مفرداتها ومركباتها من المنظوم والمنثور. لملوك معانيها العزيزة في مقاعد اعجاز العزيزة كلها صدور. فهي سماوات فضل دارت أفلاك فخرها بدراري أنوار فصلا لخطاب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015