النَّاس أَي بِجَانِب النّيل وَتصرف خزينة السُّلْطَان كل سنة لِلْعَامِلِ الْمُعْتَمد عشرَة آلَاف دِينَار مغربي لتجديد عِمَارَته ويجهز أهل الْولَايَة حاجاتهم الضرورية كلهَا لهَذِهِ الْأَشْهر الْأَرْبَعَة الَّتِي تكون بِلَادهمْ أثناءها مغمورة بِالْمَاءِ ويخبز كل شخص فِي الرِّيف مَا يَكْفِيهِ من الْخبز هَذِه الْمدَّة ويقدده حَتَّى لَا يتعفن
ونظام الفيضان هُوَ الْآتِي
يتزايد المَاء أَرْبَعِينَ يَوْمًا من بَدْء الفيضان الى ان يبلغ ثَمَانِيَة عشر ذِرَاعا وَيبقى على هَذَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا لَا يزِيد وَلَا ينقص ثمَّ يتدرج نَحْو النُّقْصَان مُدَّة أَرْبَعِينَ يَوْمًا أُخْرَى حَتَّى يصل الى الْحَد الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فِي الشتَاء وحينما يبْدَأ المَاء فِي التناقص يتبعهُ الزراع فَكلما حفت بقْعَة زرعوها الزَّرْع الَّذِي يُرِيدُونَ
وعَلى هَذَا النَّحْو زرعهم الصيفي والشتوي فَلَا يتطلب مَاء آخر قطّ
تقع مصر بَين النّيل وَالْبَحْر والنيل يَأْتِي من الْجنُوب وَيتَّجه شمالا وَيصب فِي الْبَحْر والمسافة من مصر الى الْإسْكَنْدَريَّة ثَلَاثُونَ فرسخا
وَتَقَع الْإسْكَنْدَريَّة على شاطئ بَحر الرّوم وشاطئ النّيل وتصدر مِنْهُمَا بالسفن فَاكِهَة كَثِيرَة لمصر وَفِي الْإسْكَنْدَريَّة مَنَارَة رَأَيْتهَا قَائِمَة وَأَنا هُنَاكَ وَقد كَانَ فَوْقهَا حراقة مرْآة محرقة فَكلما جَاءَت سفينة رُومِية من الْقُسْطَنْطِينِيَّة أصابتها نَار من هَذِه الحراقة فأحرقتها وَقد بذل الرّوم كثيرا من الْجد والجهد وَالْحِيلَة فبعثوا شخصا فَكسر الْمرْآة وَفِي عهد الْحَاكِم