والطين وَقد تحجرت من كَثْرَة مَا ثار عَلَيْهَا من الموج
وقمنا من هُنَاكَ وسرنا حَتَّى بلغنَا مَدِينَة تسمى قيسارية بَينهَا وَبَين عكا سَبْعَة فراسخ وَهِي مَدِينَة جميلَة بهَا مَاء جَار ونخيل وأشجار النارنج والترنج وَلها سور حُصَيْن لَهُ بَاب حديدي وَبهَا عُيُون مَاء جَارِيَة وَمَسْجِد الْجَامِع جميل وَيرى المصلون الْبَحْر ويتمتعون بِهِ وهم جُلُوس فِي ساحته وَهُنَاكَ زير من الرخام يشبه الخزف الصيني وَهُوَ عميق بِحَيْثُ يسع مائَة من مَاء
فِي يَوْم السبت آخر شعْبَان (10 مارس) قمنا من هُنَاكَ وسرنا مِقْدَار فَرسَخ عَن طَرِيق الرمل الْمَكِّيّ وَقد رَأَيْت فِي الطَّرِيق كُله سهله وجبله كثيرا من شجر التِّين وَالزَّيْتُون وَبعد بضعَة فراسخ بلغنَا مَدِينَة تسمى كفرسابا أَو كفر سَلام وَمِنْهَا حَتَّى الرملة ثَلَاثَة فراسخ فِي طَرِيق كُله شجر كَالَّذي ذكرت
وَفِي يَوْم الْأَحَد غرَّة رَمَضَان (11 مارس) بلغنَا الرملة وَمن قيسارية إِلَيْهَا ثَمَانِيَة فراسخ وَهِي مَدِينَة كَبِيرَة بهَا سور حُصَيْن من الْحجر والجص مُرْتَفع ومتين وَعَلِيهِ أَبْوَاب من حَدِيد وَمن الْمَدِينَة إِلَى الشاطئ الْبَحْر ثَلَاثَة فراسخ وَالْمَاء هُنَاكَ من الْمَطَر وَلذَا فقد بني فِي كل منزل حَوْض لجَمِيع مياه الْمَطَر فَيبقى ذخيرة دائمة وَفِي وسط مَسْجِد الْجُمُعَة أحواض تمتلى بِالْمَاءِ فَيَأْخُذ مِنْهُ من يَشَاء ومساحة الْجَامِع ثَلَاثمِائَة قدم فِي مِائَتَيْنِ وَقد كتب أَمَام الضفة إِنَّه فِي الْخَامِس عشر من شهر محرم سنة 425 (11 ديسمبر 1033) زلزلت الأَرْض بِشدَّة هُنَا فخربت عمارات كَثِيرَة وَلم يصب أحد من السكان بِسوء وَفِي هَذِه الْمَدِينَة رُخَام كثير وَقد زينت مُعظم السرايات والبيوت بالرخام المنقوش الْكثير الزِّينَة وَيقطع الرخام بمنشار لَا أَسْنَان لَهُ وبالرمل الْمَكِّيّ ويعملون الْمِنْشَار على أعمدة الرخام بالطول لَا بِالْعرضِ فَيخْرجُونَ مِنْهُ ألواحا كألواح الْخشب وَرَأَيْت هُنَاكَ أنواعا وألوانا من