غذَاء وَلم يكن لدينا أمل فِي الْحَيَاة وَلم نَكُنْ نستطيع أَن نتصور خروجنا من هَذِه الْبَادِيَة إِذْ كَانَ يَنْبَغِي لِلْخُرُوجِ مِنْهَا عَن أَي طَرِيق اجتياز مِائَتي فَرسَخ من الصَّحرَاء كلهَا مخاوف ومهالك وَلم أر فِي الْأَشْهر الْأَرْبَعَة الَّتِي أقمتها بفلج خَمْسَة أمنان من الْقَمْح فِي أَي مَكَان وأخيرا أَتَت قافلة من الْيَمَامَة لأخذ الْأَدِيم وَحمله إِلَى الحسا فَإِنَّهُ يحصر من الْيمن إِلَى فلج حَيْثُ يُبَاع للتجار قَالَ لي أَعْرَابِي أَنا أحملك إِلَى الْبَصْرَة وَلم يكن معي شَيْء قطّ لأعطيه أجرا والمسافة مِائَتَا فَرسَخ وَأُجْرَة الْجمل دِينَار وَيُبَاع الْجمل الْعَظِيم هُنَاكَ بدينارين أَو ثَلَاثَة وَلَكِنِّي رحلت نَسِيئَة إِذْ لم يكن معي نقود فَقَالَ الْأَعرَابِي أحملك إِلَى الْبَصْرَة على أَن تَأْجُرنِي ثَلَاثِينَ دِينَارا فَقبلت مُضْطَرّا وَلم أكن قد رَأَيْت الْبَصْرَة قطّ فَوضع هَؤُلَاءِ الْأَعْرَاب كتبي على جمل أركبوا عَلَيْهِ أخي وسرت أَنا رَاجِلا وتوجهنا فِي اتجاه مطلع بَنَات النعش (الدب الْأَكْبَر) كَانَ الطَّرِيق مستويا لَا جبال فِيهِ وَلَا مرتفعات وَكَانَ مَاء الْمَطَر متجمعا حَيْثُمَا كَانَت الأَرْض أَشد صلابة وَمَضَت لَيَال وَأَيَّام وَلم يبد فِي أَي جِهَة أثر الطَّرِيق إِلَّا أَنهم كَانُوا يَسِيرُونَ بالغريزة (بِالسَّمْعِ) وَمن العجيب أَنهم كَانُوا يبلغون فجاة بِئْر مَاء مَعَ عدم وجود أَي عَلامَة
الْيَمَامَة
وبالاختصار بلغنَا الْيَمَامَة بعد مسيرَة أَرْبَعَة أَيَّام بلياليها وباليمامة حصن كَبِير قديم وَالْمَدينَة والسوق حَيْثُ صناع من كل نوع يقعان خَارج الْحصن وَبهَا مَسْجِد جميل وأمراؤها علويون مُنْذُ الْقَدِيم وَلم ينتزع