تحكم مثل هذا، فحركني كلامه ولم يخرج أبو المطرف ذلك اليوم، فبكرت إليه وأنشدته:

أحمامةً فوق الأراكةِ بيّني ... بحياةِ من أبكاك ما أبكاك

أما أنا فبكيتُ من حُرَقِ الهوى ... وفراقِ مَنْ أهوى، فأنت كذاك فلما سمعها ابن هذيل قال لي: عارضتني، قلت: لا إنما ناقضتك، فقال: اذهب فقد أخرجتك من المكتب.

عارض هاتين القصيدتين أبو مروان المعروف بالبلينة فقال (?) :

أحمامةً بكتِ الهديلَ وانما ... طربت فغنتْ فوق غُصْنِ أَراكِ

معشوقة التثويبِ ذاتُ قلائدٍ ... غَنِيَتْ جواهرُهَا عن الأسلاك

ناحتْ على فَنَنٍ وكلُّ شجٍ بكى ... يوماً بلا دمعٍ فليس بباكي

لو كنتِ صادقةً وكنتِ شجيّةً ... جادتْ دموعُكِ حين جدَّ بكاك 341 - علي بن حصن كاتب المعتضد (?) :

وما هاجني إلا ابن ورقاءَ هاتفٌ ... على فَنَنٍ بين الجزيرة والنهرِ

مُفَسْتَقُ طوقٍ لازورديُّ كَلْكَلٍ ... موشَّى الطلا أَحْوى القوادمِ والظهر

أَدار على الياقوتِ أجفانَ فضةٍ ... وصاغ من العقيان طوقاً من الشفر

حديدُ شبا المنقار داجٍ كأنه ... شبا قلمٍ من فضّةٍ مُدَّ في حبر

توسَّدَ من فرع الأراكِ أَريكةً ... ومال على طيِّ الجناح مع النحر

ولما رأى دمعي تُؤاماً أَرابَهُ ... بكائيَ فاستولى على الغُصُنِ النضر

وحثَّ جناحيه وَصَفَّقَ طائراً ... وطار بقلبي حيثُ طار ولا أدري

طور بواسطة نورين ميديا © 2015