وفي خمسة وهي الأوائل ثاؤها ... وفي الصّاد ثمّ السّين ذال تدخّلا
لما أتم كلامه في التاء المثناة انتقل إلى الثاء المثلثة وهي من حروف شفا ذكرها في قوله: ثوى وأخبر أنها تدغم للسوسي في خمسة أحرف وهي أوائل كلمات: ترب سهل ذكا شذا ضفا وهي التاء والسين والذال والشين والضاد وأمثلتها حيث تؤمرون الحديث سنستدرجهم والحرث ذلك وليس غيره حيث شئتما وحديث ضيف إبراهيم وليس غيره.
قوله: وفي الصاد إلخ، أخبر رحمه الله أن الذال المعجمة تدخل في الصاد والسين المهملتين
أدغم فيهما السوسي وذلك نحو قوله تعالى: فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ [الكهف: 61]، في موضعين، وقوله تعالى: مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً [آل عمران: 117]، لا غير وتدخل مثل تحصل يقال تدخل الشيء إذا تحصل قليلا قليلا.
وفي اللّام راء وهي في الرّا وأظهرا ... إذا انفتحا بعد المسكّن منزلا
اللام والراء من حروف شفا ذكرهما في قوله لم وفي قوله رم أي أدغم السوسي الراء في اللام واللام في الراء نحو قوله تعالى: سَيُغْفَرُ لَنا، كَمَثَلِ رِيحٍ [آل عمران:
117]، وقوله: أظهرا إلخ يعني أن ما انفتح منهما وقبله ساكن استثنى فأظهر نحو قوله تعالى: خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ [النور: 27]، ورَسُولَ رَبِّهِمْ [الحاقة: 10]، ولا يمنع الإدغام إلا باجتماع السببين أما لو انفتح أحدهما بعد الحركة نحو قوله تعالى: وَسَخَّرَ لَكُمُ [إبراهيم: 32]، وجَعَلَ رَبُّكِ [الإسراء: 24]، أو تحرك بغير الفتح بعد السكون نحو المصير لا يكلف، وبالذكر لما ويقول ربي وفضل ربي فإن هذا كله ونحوه مدغم ثم ذكر تمامه فقال:
سوى قال ثمّ النّون تدغم فيهما ... على إثر تحريك سوى نحن مسجلا
أخبر رحمه الله أن لام قال: مستثنى من فصل اللام يعنى سوى كلمة قال فإنها أدغمت في كل راء بعدها للسوسي وإن كانت اللام مفتوحة وقبلها حرف ساكن وهو الألف نحو قال رب قال رجلان فخفف بالإدغام لكثرة دوره في القرآن بخلاف فيقول رب ورسول ربهم ونحوه فإنه مظهر. ثم انتقل إلى الكلام في النون وهي من حروف شفا ذكرها في قوله نفسا فأخبر أنها تدغم فيهما أي في اللام والراء للسوسي بشرط أن يتحرك ما قبلها وهو معنى قوله على أثر تحريك أي تكون النون بعد محرك نحو إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ [الأعراف: 167]، خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ [ص: 9]، ولَنْ نُؤْمِنَ لَكَ [البقرة: 55]، فإن وقع قبل النون ساكن لم تدغم مطلقا سوى كان ذلك ألفا أو غيره وسواء كانت النون مفتوحة أو مكسورة أو مضمومة نحو قوله تعالى: يَخافُونَ رَبَّهُمْ [النحل: 50]، بِإِذْنِ رَبِّهِمْ [القدر: 4]، أَنَّى يَكُونُ لِي [آل عمران: 40]، ما خلا حرفا واحدا فإنه يدغم نونه في اللام مع وجود السكون قبل النون وذلك نحو قوله تعالى: وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [البقرة: 133، 136]، ونحن لك، نحن لكما، وشبهه حيث وقع وهو المراد بقوله سوى نحن، وقوله مسجلا: أي مطلقا في جميع القرآن:
وتسكن عنه الميم من قبل بائها ... على إثر تحريك فتخفى تنزّلا
الميم من حروف شفا ذكرها في قوله: منه أخبر أنها تسكن عنه أي عن السوسي قبل الباء إذا وقعت بعد متحرك فتخفى نحو قوله: آدَمَ بِالْحَقِّ [المائدة: 27]، وبِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ [الأنعام: 53]، فإن سكن ما قبلها لم يفعل ذلك نحو قوله تعالى: إِبْراهِيمُ
بَنِيهِ [البقرة: 132]، اليوم بجالوت والرواية في البيت بضم التاء من تسكن وفتحها من تخفى والهاء في بائها ضمير الميم وقوله: تُنَزِّلَ [النساء: 153]، تمييز أي فيخفى تنزلها في محلها.