لطيفا جمعت فيه ست قراءات من الأحرف السبعة الواردة في الحديث من كتب متعددة، قرأت بها وذكرتها في ذلك المختصر.
فالقراءات الست عن ستة أئمة، وهم: يزيد بن القعقاع وابن محيصن والحسن البصري ويعقوب والأعمش وخلف. فإذا قرأ القارئ بما تضمنه هذا القصيد وبما تضمنه المختصر
في القراءات الست تحصلت له ثلاث عشرة قراءة عن الأئمة الثلاثة عشر وجميعها من الأحرف السبعة الواردة في الحديث. قوله: فانصب أي اتعب في نصابك، أي في أصلك، وأراد به النية لأنها أصل العمل ونصاب الشيء أصله، ومنه نصاب المال. أي أتعب ذاتك في تحصيل العلم الذي يصير أصلا لك تنسب إليه مفضلا أي ذا فضل.
وها أنا ذا أسعى لعلّ حروفهم ... يطوع بها نظم القوافي مسهّلا
ها حرف تنبيه، وأنا ضمير المتكلم وحده، وذا اسم إشارة، وأسعى بمعنى أحرص، أي إني مجتهد في نظم تلك الطرق، راجيا حصول ذلك وتسهيله، والضمير في «حروفهم» للقراء، والمراد قراءاتهم المختلفة، قال صاحب العين، كل كلمة تقرأ على وجوه من القراءات تسمى حرفا. ويجوز أن يكون المراد بالحرف الرموز، لأنها حروفهم الدالة عليهم ويدل عليه قوله بعد ذلك جعلت أبا جاد، ويطوع بمعنى ينقاد، والقوافي جمع قافية وهي كلمات أواخر الأبيات بضابط معروف في علمها.
جعلت أبا جاد على كلّ قارئ ... دليلا على المنظوم أوّل أوّلا
أخبر أنه جعل حروف «أبي جاد» دليلا أي علامة على كل قارئ نظم اسمه من القراء السبعة ورواتهم. أول أولا أي الأول من حروف أبي جاد للأول من القراء، ففي اصطلاحه أبج لنافع وراوييه، فالهمزة لنافع، والباء لقالون، والجيم لورش. «دهز» لابن كثير وراوييه، الدال لابن كثير، والهاء للبزي والزاي لقنبل. «حطي» لأبي عمرو وراوييه، الحاء لأبي عمرو والطاء للدوري، والياء للسوسني. «كلم» لابن عامر وراوييه، الكاف لابن عامر واللام لهشام، والميم لابن ذكوان «نصع» لعاصم وراوييه، النون لعاصم والصاد لشعبة والعين لحفص. «فضق» لحمزة وراوييه، الفاء لحمزة والضاد لخلف، والقاف لخلاد «رست» للكسائي وراوييه، الراء للكسائي، والسين لأبي الحارث والتاء
للدوري عنه وترتيبها عند الحساب. (أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ).
فغيرها الناظم إلى اصطلاحه فصار ترتيبها عنده أبج دهز حطي كلم نصع فضق رست ثخذ ظغش والواو للفصل.
ومن بعد ذكري الحرف أسمي رجاله ... متى تنقضي آتيك بالواو فيصلا
المراد بالحرف هنا ما وقع الاختلاف فيه بين القراء من كلم القرآن، سواء كان حرفا في اصطلاح النحويين، أو اسما أو فعلا، وأسمي بمعنى أضع. والمراد برجاله قراؤه أي أذكرهم برموزهم التي أشرت إليها لا بصريح أسمائهم، فإن ذلك يتقدم على الحرف ويتأخر كما سيأتي. وبيّن بهذا البيت كيفية استعماله الرمز بحروف أبجد فذكر أنه يذكر حروف القرآن أولا، ثم يأتي بحروف الرمز ولا يأتي بها مفردة،