وما نوّع التّحريك إلّا للازم ... بناء وإعرابا غدا متنقّلا
يقول إنما نوعت التحريك وقسمته هذه الأقسام إلا لأعبر عن حركات البناء وحركات
الإعراب ليعلم أن حكمهما واحد في دخول الروم والإشمام وفي المنع منهما أو من أحدهما وحركة البناء توصف باللزوم لأنها لا تتغير ما دام اللفظ بحاله فلهذا قال للازم بناء أي ما نوعته إلا لأجل أنه ينقسم إلى لازم البناء وإلى ذي إعراب غدا بذلك متنقلا من رفع إلى نصب وإلى جر باعتبار ما تقتضيه العوامل المسلطة عليه، فمثال حركات البناء في القرآن من قبل ومن بعد ومن حيث، ألا ترى أن اللام، والدال والثاء مبنية على الضم ولم تعمل فيها حروف الجر، ومثال حركات الإعراب قال الملأ وإن الملأ وإلى الملأ ألا ترى أن الملأ الأول مرفوع والثاني منصوب والثالث مجرور فهو منتقل بحسب العوامل، وحركات البناء لها ألقاب وحركات الإعراب لها ألقاب عند البصريين فلقبوا من ذلك ما كان للبناء بالضم والفتح والكسر، والذي للإعراب بالرفع والنصب والجر، والذي آخره ساكن للإعراب يسمى جزما، والذي للبناء يسمى وقفا، فأتى الناظم بالجميع ليعلم أن ما ذكره يكون في القبيلين ولو أتى بألقاب أحدهما لتوهم أن ما ذكره يختص به دون الآخر.
وفي هاء تأنيث وميم الجمع قل ... وعارض شكل لم يكونا ليدخلا
أخبر أن الروم والإشمام لا يدخلان في هاء التأنيث ولا في ميم الجمع ولا في الشكل العارض أما هاء التأنيث وهي التي تكون في الوصل تاء ويوقف عليها بالهاء نحو رحمة ونعمة وشبهه وأما ميم الجمع فنحو إليهم وعليهم وشبهه وعارض الشكل يعني الحركة العارضة نحو من يشأ الله ولقد استهزئ وشبه ذلك كله يوقف عليه بالسكون. واعلم أن هاء التأنيث تنقسم إلى ما رسم في المصحف بالهاء نحو رحمة وقد تقدم حكمه وهو مراد الناظم وإلى ما رسم بالتاء نحو. بقيت الله وجنت نعيم وشبهه فإن الروم والإشمام يدخلان فيه في مذهب من وقف عليه بالتاء.
وفي الهاء للإضمار قوم أباهما ... ومن قبله ضمّ أو الكسر مثّلا
أو اما هما واو وياء وبعضهم ... يرى لهما في كلّ حال محلّلا
يعني أن هاء الضمير وهي هاء الكناية التي سبق لها باب اختلف أهل الأداء في الوقف عليها فأبى قوم الروم والإشمام فيها إذا كان قبلها ضم أو كسر نحو يعلمه الله وبمزحزحه أو يكون قبلها إما الضم أو الكسر وهما الواو والياء نحو عقلوه وفيه. وهذا معنى قوله: أو اما هما واو وياء لأن ذلك معطوف على قوله أو الكسر لأنهم أبوا الروم والإشمام في هاء الضمير الذي قبله ضم أو كسر أو واو أو ياء واستثناء ذلك من زيادات القصيد، وأشار بقوله أو اما هما واو وياء إلى أن الواو والياء أصلان