أحدهما: أن ذلك لم يأت عنهم في بيت غير هذا، فيحمل هذا عليه، فأما ما أنشدوه من قول الآخر.

اضرب عنك الهموم طارقها ... ضربك بالسوط قونس الفرس1

فمدفوع مصنوع عند عامة أصحابنا، ولا رواية تثبت به.

والآخر: ضعفه وسقوطه في القياس، وذلك أن التوكيد من مواضع الإطناب2 والإسهاب، ولا يليق به الحذف والاختصار، فإذا كان السماع والقياس جميعا يدفعان هذا التأويل، وجب إلغاؤه وإطراحه، والعدول عنه إلى غيره، مما قد كثر استعماله، ووضح قياسه.

فهذه أيضا همزة قلبت عن ألف، أعني همزة أم، وهي بدل من ألف هي بدل من همزة، فهذا وإن لطف وطالت صنعته، أولى من أن تحمل الكلمة على حذف نون التوكيد، لما فيه من قلة النظير، وضعف القياس.

وأنشدنا أبو علي:

بالخير خيرات وإن شرا فأ ا ... ولا أريد الشر إلا أن تأ ا3

والقول في ذلك عندي أنه يريد فأ وتأ، ثم زاد على الألف أخرى توكيدا، كما تشبع الفتحة فتصير ألفا كما تقدم، فلما التقت ألفان، حرك الأولى، فانقلبت همزة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015