وقول النابعة1:

أفِدَ الترحُّلُ غير أن رِكابنا ... لما تزُل برحالنا، وكأنْ قَدِي2

يريد: وكأن قد زالت، وهو كثير.

وتزداد أيضًا بعد لام المعرفة عند التذكر، وذلك قولهم: قام الي، يريد: الغلام أو الإنسان، أو نحو ذلك فينسى الاسم، فيقف مستذكرا، فلا يقطع على اللام لأنها ليست بغاية لكلامه، وإنما غايته ما يتوقعه بعده، فيطول وقوفه وتطاوله إلى ما بعد اللام، فيكسرها تشبيها بالقافية المجرورة إذا وقع حرف رويها حرفا ساكنًا صحيحا، نحو قوله: "وكأن قدي". وكذلك لو وقعت "أن" قافية لقيل "أني" ولو وقعت "عن" قافية لقيل "عني" ولو وقعت "من" قافية لأطلقت تارة إلى الفتح، وتارة في قصيدة أخرى إلى الكسر، وذلك لأن "من" قد تفتح في نحو قولك: "من الرجل" وقد تكسر وتفتح أيضًا في نحو "من ابنك" و"من ابنك" فتقول في القافية المنصوبة "منا"، وفي القافية المجرورة "منى" إلا أن الفتح أغلب عليها لأنه أكثر في الاستعمال.

وإنما جمعنا بين القافية وبين التذكر من قبل أن القافية موضع مد واستطالة، كما أن التذكر موضع استشراف وتطاول إلى المتذكر، فاعرف ذلك.

وعلى هذا قالوا في التذكر "قدي" أي: قد قام أو قعد أو نحو ذلك. وكذلك كل ساكن وقفت عليه وتذكرت بعده كلاما فإنك تكسره، وتشبع كسرته للاستطالة والتذكر، نحو قولك: "من أنت" إذا وقفت على "من" مستذكرا لما بعدها قلت "مني".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015