وذهب أصحابنا إلى أن حذف الجواب في هذه الأشياء أبلغ في المعنى من إظهاره، وأنه لذلك ما حذفت هذه الأجوبة، قالوا: ألا ترى أنك إذا قلت لغلامك: والله لئن قمت إليك، وسكت عن الجواب، ذهب بفكره إلى أنواع المكروه من الضرب والقتل والكسر وغير ذلك، فتمثلت في فكره أنواع العقوبات، فتكاثرت عليه، وعظمت الحال في نفسه، ولم يدر أيها يتقي، ولو قلت: والله لئن قمت إليك لأضربنك، فأتيت بالجواب لم يتق شيئًا غير الضرب، ولا خطر بباله نوع من المكروه سواه، فكان ذلك دون حذف الجواب في نفسه.
قال أبو علي: ومثل معناه قول كثير1:
فَقلْتُ لها: ياعَزُّ كلُّ مصيبةٍ ... إذا وُطِّنَتْ يومًا لها النفسُ ذَلَّتِ2
وكذلك الحال في الجميل من الفعل نحو قولك: والله لئن زرتني، إذا حذفت الجواب تصورَتْ له أنواع الجميل وضروبه من الإحسان إليه والإنعام عليه. ولو قلت: والله لئن زرتني لأعطينك دينارًا، رمى بفكره نحو الدينار، ولم يجُل في خلده شيء من الجميل سواه، ولعله أيضًا أن يكون مستغنيًا عنه غيرَ راغبٍ فيه، فلا يدعوه ذلك إلى الزيارة، وإذا حذفتَ الجوابَ تطلعت نفسُه إلى علم ما توليه إياه، فكان ذلك