ونظيرُ "عِلِّيُّون" و"فِلَسْطُونَ" العقود من "عشرينَ" إلى "تسعينَ" فكأن "عِشْرُون" جمع "عِشْرٍ" و"ثلاثونَ" جمع "ثَلاثٌ" و"أرْبعونَ" جمع "أرْبَعٍ" وليس الأمر كذلك، لأن "العِشْرَ" غير معروف إلا في أظماء الإبل، ولو كان "ثلاثون" جمع "ثلاث" لوجب أن يستعمل في "تسعة" وفي "اثني عشر" وفي "خمسة عشر" وكذلك إلى "سبعة"، ولجاز أن يتجاوز به إلى ما فوق الثلاثين من الأعداد التي الواحد من تثليثها فوق العشرة، نحو "ثلاثة وثلاثين" لأن الواحد من تثليث هذه "أَحَدَ عَشَرَ" وكذلك "ستة وثلاثون" لأن الواحد من تثليثها "اثنا عشر" وكذلك ما فوق ذلك من الأعداد. وكذلك أيضًا القول في "أربعين" و"خمسين" إلي "التسْعِين" كالقول في "ثلاثين" فندعه هربًا من الإطالة بذكره. فقد ثبت أن "ثلاثين" ليس جمع "ثلاث" وأن "أربعين" ليس جمع "أربع" ولكنه جرى مجرى "فلسطين" في أن اعتُقِدَ له واحد مقدر وإن لم يجر به استعمال، فكأن "ثلاثين" جمع "ثلاث"، و"ثلاثٌ" جماعة، فكأنه قد كان ينبغي أن تكون فيه الهاء، فعوض من ذلك الجمع بالواو والنون، وعاد الأمر فيه إلى قصة "أرض" و"أرضون" وهو في ذلك أشبه حالا من "فلسطُون" لأنه جمع في الحقيقة و"فلسطون" وأخواتها إنما هي جمع على ضرب من التأول، ولأجل ما ذكرناه من أن مذهب الجمعية في "يَبْرُون" إنما هو على التأول ما جازت فيه اللغتان "يَبْرُون" و"يَبْرِين" و"فلسطُون" و"فلسطِين" ولم تجز في "أربعون" "أربعين" ولا في "عشرون" "عشرين" لأن مذهب الجمع فيه أغلب وأقوى منه في "فلسطين" وبابها.

فأما قول سُحَيْم بنِ وَثِيل1:

وماذا يَدَّرِي الشعراءُ منّي ... وقد جاوزتُ حدَّ الأربعينِ2

طور بواسطة نورين ميديا © 2015