المقدر كأنه كان يبنغي أن يكون "فِلَسْطة" و"قِنَّسْرة" و"يَبرة" و"نَصِيبة" و"صَرِيفة" و"عانِدة" و"سَيْلَحة" فلما لم تظهر الهاء وقد كان "قِنَّسْر" في القياس في نية الملفوظ به عوضوه الجمع بالواو والنون، وأجري في ذلك مجرى "أرْضٍ" في قولهم "أرْضُون".
وكذلك قوله عزَّ اسمه: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ} [المطففين: 18-19] كأنه جمع "عِلِّيّ" وهو "فِعِّيل" من العُلُّوّ، كأنه مما كان سبيله أن يكون "عِلِّيَّة" فيذهب بتأنيثه إلى الرفعة والنباوة، على أنهم أيضًا قد قالوا للغرفة "عِلِّيَّة": لأنها من العلو، فجرى ذلك مجرى "فلسطينَ" و"يبرينَ" و"قنسرينَ" و"صريفينَ" و"نصيبينَ". وأما من قال "فلسطينُ" و"يبرينُ" و"قنسرينُ" و"صريفينُ" و"نصيبينُ" فجعل النون حرف الإعراب، ورفعها، فأمره واضح، لأنه واحد لا جمع له، أو جمع لا واحد له مستعمل.
ومثله قوله تعالى: {مِنْ غِسْلِينٍ} [الحاقة: 36] 2 فهو "فِعْلِين" من الغُسالة3. وكذلك "اليَاسِمُون"4 وكأنه جمع "ياسِم" وكأنه في التقدير "ياسِمة" بالهاء؛ لأنهم ذهبوا إلى تأنيث الريحانة والزهرة. فأما "الماطرون" فليست النون فيه زائدة، لأنها تعرب، قال الشاعر5:
ولها بالماطِرونِ إذا ... أكلَ النمل الذي جمعا6
بكسر النون، فالكلمة إذن رباعية. ومن قال: "ياسِمِينٌ" فأمره واضح.