فإنه ذهب1 إلى أن "الحيوان" غيرُ مبدل الواو، وأن الواو فيه أصل وإن لم يكن منه فعلٌ، وشبه هذا بقولهم: "فاظَ الميتُ يفيظُ فَيْظًا وفَوْظًا"2 ولا يستعملون من "فوظ" فعلا، وكذلك "الحيوان" عنده مصدر لم يشتق منه فعل بمنزلة "فوظ" ألا ترى أنهم لا يقولون: "فاظ يفوظ" كما قالوا: "فاظ يفيظ". ويدلك على أنهم لم يستعملوا من "الحيوان" فعلا قول سيبويه3: "ليس في الكلام مثل حيوت" أي: ليس في كلامهم "حيوت" ولا ما جرى مجراها مما يعنه ياء ولامه واو.

وهذا الذي رآه أبو عثمان وخالف فيه الخليل وسيبويه غير مرضٍ عندنا منه، قال لي أبو علي وقت قراءتي كتاب أبي عثمان عليه: هذا الذي أجازه أبو عثمان فاسد من قبل أنه لا يمتنع أن يكون في الكلام مصدر عينه واو وفاؤه ولامه صحيحتان مثل "فَوْظ" و"صَوْغ" و"قَوْل" و"مَوْت" وأشباه ذلك، فأما أن يوجد في الكلام كلمة عينها ياء ولامها واو فلا، فحمله "الحَيَوَان" على "فَوْظ" خطأ، لأنه شبه ما لا يوجد في الكلام بما هو موجود مطرد.

وبهذا علمنا أن "حَيْوَة" أصلها "حَيَّة" وأن اللام إنما قلبت واوًا لضرب من التوسع وكراهة لتضعيف الياء، ولأن الكلمة أيضًا عَلَمٌ، والأعلام قد يعرض فيها ما لا يوجد في غيرها نحو: "مَوْهَبٍ" و"مَوْرَقٍ" و"مَوْظَبٍ" و"مَعْدِي كَرِب" و"تَهْلَلٍ" و"مَزْيَدَ" و"مَكْوَزة وغير ذلك مما يطول تعداده.

وحكى اللحياني: "اشْتَر من الحَيَوَان والحَيَوَاتِ، ولا تَشْتَر من المَوَتان"4 فالواو أيضًا في "الحيوات" بدل من ياء، وأصلها "حَيَيات" لأنهما "فَعَلات" من "حَيِيْتُ" و"حَيِيتَ" من مضاعف الياء بلا خلاف، ويدل على أنه لا خلاف في "حييت" في أن لامه ياء بمنزلة "خَشِيتُ" , "وعَيِيتُ" وأنه ليس كـ "شَقِيتُ"

طور بواسطة نورين ميديا © 2015