وقال الآخر:
فَتَرَكْنَ نَهْدًا عُيَّلًا أَبْنَاؤها ... وبَنِي فَزارة كاللصوص المْرَّدِ1
وهلا قلبوا الياء الأولى من "السيل" و"العيل" لسكونهما وضم ما قبلهما؟ وقالوا أيضًا: "اعْلَوَّطَ اعْلِوِّاطًا"2 و"اخْرَوِّطَ اخْرِوَّاطًا"3 فلم يقلبوا الواو الأولى منهما ياء وإن كانت ساكنة مكسورًا ما قبلها!.
فالجواب: أنهم إنما فعلوا ذلك من قبل أن الياء والواو إذا أدغمتا بعدتا عن الاعتلال وعن شبه الألف؛ لأن الألف لا تدغم أبدا، فإذا قويتا بالإدغام لم تتسلط الحركتان قبلهما على قبلهما، على أن منهم من يقلب الواو الأولى من هذا للكسرة قبلها ياء، فيقول: "اجْلِوَّذَ اجْلِيوَذًا" و"اخْرَوَّطَ اخْرِيوَطًا" ولم يقلب الواو الآخرة وإن كانت قبلها ياء ساكنة ياء فيقول "اجْلِيَّاذًا" و"اخْرِيِّاطًا"، من قبل أن قلب الأولى منهما عارض ليس بلازم ولا واجب، فجرى ذلك مجرى ياء "دِيوَان" في أن لم تقلب لها الواو الآخرة فيقولوا: "دِيَّان" إذ لم تكن الأولى لازمة ولا واجبة، وإنما قلبت لضرب من التخفيف. ومن قال: "اجْلِيوذا" و"دِيوان" فجعل للكسرة تأثيرا لم يقل في "سُيَّل": "سُويَلٌ" ولا في "عُيَّل"4: "عُويَلٌ" لأن قلب الواو ياء أخف من قلب الياء واوًا، ولو كان القلب هنا واجبًا لقيل: "سُويَلٌ" و"عُويَلٌ" كما قالوا: "موسر" و"موقن".
وكذلك أيضًا إن تحركت الياء والواو قويتا بالحركة، فلم تقلبا للحركتين قبلهما، وذلك نحو "غُيُرٍ" جمع "غَيُور" و"دجاج بُيُض" جمع "بَيُوض" وكذلك "حِوَلٌ" و"عِوَض" و"رجل عُيَبة".