واعلم أن هذه اللام لا تدخل على اسم "إن" كما ذكرنا؛ إلا أن يفصل بينها وبينه فتباعد منه، وذلك نحو قوله عَزَّ اسْمُهُ: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً} [البقرة: 248] 1، و {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ} [الأنعام: 99] 2، {إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا} 3 [الأنبياء: 106] .
فهذا دخول اللام على خبر "إن" وذكر الضرورة التي دعت إلى تأخرها، ولست أعني بهذه الضرورة أنها جارية مجرى ضرورة الشعر؛ كيف ذلك والقرآن وفصيح الكلام قد جاء بذلك، ولكن هذا يجري مجرى الضرورة التي دعت إلى إعلال فاء "يعد" و"يزن"، وعين "باع" و"قام"، ولام "غزا" و"رمى"، وغير ذلك من العلل التي تلحق فتؤثر، وهي مع ذلك مطردة في الاستعمال متقبلة في القياس.
وإذا كانت "إن" مشددة فأنت في إدخال اللام في الخبر وتركها مخير، تقول: "إن زيدًا قائم"، و"إن زيدًا لقائم"؛ فإن خففت "إن"؛ لزمت اللام، وذلك قولك: "إنْ زيد لقائم"، و {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} [الطارق: 4] 4 فعلوا ذلك لئلا تلتبس "إن" المؤكدة بـ "إن" النافية في قوله عز وجل: {إِنْ الْكَافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُورٍ} [الملك: 20] 5 فهذه بمعنى ما.