إذ لو كانت مقدرة في المعنى صفة للزوم خروجها على ذلك إلى اللفظ؛ إذ ليس إجراء الصفة في اللفظ صفة مستكرهًا. وأما المصدر فجريانه وصفًا في اللفظ فيه استكراه؛ فغير منكر أن يمتنع منه في اللفظ ويعتقد في المعنى؛ وإنما جاز اعتقاده في المعنى وأن لم يكن الوصف بالمصدر في قوة الوصف بصريح الصفة؛ لأنه وإن كان كذلك؛ فهو على كل حال جائز مستعمل في بعض المواضع، فاعرف ذلك إن شاء الله.
ونظير هذا الذي أريتك قول سيبويه1 في عدة إذا سميت به رجلًا أن تقول: عدات، وعدون؛ فتجيز جمعه بالتاء، وبالواو وبالنون، ولا يمنع من ذلك فيه وإن كان قبل التسمية به؛ لم يجمع؛ وإنما جاز فيه الجمع بالتاء، وبالواو والنون بعد التسمية به وإن لم يكن ذلك جائزًا ولا مسموعًا فيه قبل التسمية من قبل أنه كان قبل التسمية مصدرًا، والمصادر يقل الجمع فيها؛ فلما سمي به خرج عن مذهب المصدر إلى الاسمية؛ فلحق بـ "سنة" و"عضة"؛ فجرى عليه ما يجري عليهما من جواز الجمع لأنهما ليسا مصدرين.
أفلا ترى إلى سيبويه2 كيف احتج لترك جمعهم عدة وهي مصدر بأن المصادر يضعف جمعها؛ فيقبح في اللفظ، فكذلك أيضًا يضعف في القياس أن تجري المصادر أوصافًا إلا على ضرب من التأول؛ فلما ضعف ذلك فيها القياس؛ قل استعمالهم إياها في اللفظ أوصافًا، وحصل فيه بعض الاستكراه؛ فلذلك لم يسمع عنهم: مررت بالرجل العلاء لضعف جريان المصادر أوصافًا في القياس، فمن هنا جفا ذلك في اللفظ وإن كان قد يجوز تخيله على ضرب من التوسع في المعنى.
فأما العزى فمن امثلة الأوصاف بمنزلة الصغرى والكبرى؛ فلو اعتقدوا الوصف بها لما منع من خروجها إلى اللفظ صفة مانع؛ فمن هنا ضعف أن تكون "العزى" صفة وتأنيث الأعز، وذا لم تكن صفة فاللام فيها زائدة كما قال أبو الحسن.