الياء الأولى وإن كانت ساكنة مضموما ما قبلها، من قبل أنها قويت بالإدغام فحصنها عن القلب.
فإن قلت: فما بالك تقول سوط وحوض وثوب وبيت وقيد وشيخ، فتصح الواو والياء هما ساكنتان وقبلهما حركة تخالفهما؟ وهلا قلبتهما ألفا لانفتاح ما قبلهما، كما تقلب الواو ياء لسكونها وانضمام ما قبلها في نحو: الكوسي والطوبي؟
فالجواب في ذلك أن بين الياء وبين الواو قربا ونسبا ليس بينهما وبين الألف، ألا تراها تثبت في الوقف في المكان الذي تحذفان فيه، وذلك قولك: هذا زيد، ومررت بزيد، ثم تقول: ضرب زيدا، وتراهما تجتمعان في القصيدة الواحدة ردفين نحو قول امرئ القيس:
قد أشهد الغارة الشعواء تحملني ... جرداء معروقة اللحيين سرحوب1
ثم قال فيها:
كالدلو بتت عراها وهي مثقلة ... وخانها وذم منها وتكريب2
ولا يجوز معهما ألف في مكانهما.
فلم كان بين الياء والواو هذا التقارب، وتباعدتا من الألف هذا التباعد، وغيره مما سنذكره في أماكنه، جذبت كل واحدة منهما صاحبتها إليها، لأنهما صارتا بما ذكرناه من أمرهما بمنزل الحرفين يتقارب مخرجاهما، نحو الدال والطاء، والذال