ألا ترى أنك إذا قلت: "السلام عليكم"؛ فأنت مخبر غير مؤكد؛ فإذا قلت: "ها السلام عليكم"؛ كنت بالتنبيه مؤكدًا؛ فلما كانت هذه حال "ها" ضارعت عندهم "ما" المؤكدة نحو قوله عَزَّ اسْمُهُ: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} [النساء: 155] 1، و: {عَمَّا قَلِيلٍ} [المؤمنون: 40] 2 أي: فبنقضهم، وعن قليل. فكما جاز لـ "ما" هذه أن تعترض بين الجار والمجرور مؤكدة كما زيدت "ما" في قوله" {عَمَّا قَلِيلٍ} ونحوه، وليس كذلك حرف التعريف؛ لأنه ليس الغرض فيه التوكيد؛ وإنما الغرض نقل النكرة إلى معنى المعرفة؛ فهذان معنيان كما تراهما متباينان3، وأنت تجد معنى مررت بذا كذا معنى مررت بهذا، وليس بينهما أكثر من توكيد الكلام على المعنى الأول، ولا تجد بينهما الفرق الذي تجده بين مررت برجل، ومررت بالرجل؛ فدل هذا على أن اتصال حرف التعريف بما عرفه ليس كاتصال "ها" بما نبه عليه، قال تعالى: {هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ} [النساء: 109] 4.
وقال الشاعر:
وقفنا، فقلنا: ها السلام عليكم ... فأنكرها ضيق المجم غيور5