فإن قلت: إن ينباع: يفعال، وينحاز: ينفعل، وأصله يَنْحَوِز؛ فكيف يجوز أن تشبه ألف يفعال بعين ينفعل؟
فالجواب: أنا إنما شبهناه به شبهًا لفظيًا؛ فساغ1 لنا ذلك، ولم نشبهه شبهًا معنويًا؛ فيفسد ذلك علينا، على أن الأصمعي قد ذهب فى ينباع إلى أنه ينفعل، وقال: يقال: انباع الشجاع ينباع انبياعًا: إذا انخرط من الصف ماضيًا؛ فهذا ينفعل لا محالة لأجل ماضيه ومصدره، لأن انباع لا يكون إلا انفعل، والانبياع لا يكون إلا انفعالًا.
وأنشد الأصمعي، وقراته على أبي سهل أحمد بن محمد عن أبي العباس محمد بن يزيد:
يطرق حلمًا وأناة معًا ... ثمت ينباع انبياع الشجاع2
فإذا جاز أن يعتقد في "ينباع" أنه ينفعل؛ فهو بأن يقوى شبهه، وهو يراد به يفعل، بينفعل نحو ينحاز وينقاد؛ أجدر. وهذا الشبه اللفظي أكثر من أن أضبطه لك؛ فكذلك جاز أن تشبه اللام لما دخلت الهمزة عليها فكثرتها فى اللفظ بما جاء من الحروف على حرفين نحو: "هل"، و"قد"، و"لو"، وكما جاز الوقوف عليها مع التذكر لما ذكرناه من مشابهتها قد، وبل؛ كذلك جاز أيضًا قطعها فى المصراع الأول ومجيء ما تعرف بها في المصراع الثاني نحو ما أنشدناه لعبيد، وما جرى مجراه.