عند كثير من الناس، لأنه أراد: أن أحضر، وأجاز سيبويه في قوله "مره يحفرها" أن يكون الرفع على قوله "مره أن يحفرها"، فلما حذفت أن ارتفع الفعل بعدها، وقد حملهم كثرة حذف "أن" مع غير الفاعل، على أن استجازوا ذلك مع اسم ما لم يسم فاعله، وإن كان جاريا مجرى الفاعل، وقائما مقامه.
وذلك قول جميل:
جزعت حذار البيت يوم تحملوا ... وحق لمثلي يا بثينة يجزع1
أراد: أن يجزع، على أن هذا قليل.
فإن قلت: ألست تعلم أن خبر كان يجري مجرى الفاعل، وقد قالوا: كأنك من جمال بني أقيش وأرادوا: جمل من جمال بني أقيش، فحذف الموصوف وهو خبر كأن، فهلا أجزت حذف الفاعل وإقامة الصفة مقامه في قول الأعشى: "ولن ينهى ذوي شطط كالطعن"، وقلت إنه أراد: شيء كالطعن، حملا على بيت النابغة؟
فالجواب أن بينهما فرقا من وجهين:
أحدهما: أن خبر كان وإن شبه بالفاعل في ارتفاعه، فليس في الحقيقة فاعلا، ولا في مذهب الفاعل، أولا تراك تقول: كأن زيدا يصلي، وكن أخاك يقفوا أثرك، فجعلهم خبرها، فعلا يدلك على أنه لا تبلغ قوة الفاعل في الاسمية، لأن الفاعل لا يكون إلا اسما محضا.