سر الفصاحه (صفحة 96)

فلا خفاء بقبحه للتكرار وكذلك قوله:

ومن جاهل بي وهو يجهل جهله ... ويجهل علمي أنه بي جاهل

لأنه ذكر الجهل خمس مرات وكرر بي فلم يبق من ألفاظ البيت ما لم يعده إلا اليسير.

وأما قوله أيضاً:

فقلقلت بالهم الذي قلقل الحشا ... قلاقل عيش كلهن قلاقل1

غثاثة عيشى أن تغث كرامتي ... وليس بغث أن تغث المآكل

فقد اتفق له أن كرر في البيت الأول لفظة مكررة الحروف فجمع القبح بأسره في صيغة اللفظة نفسها ثم في إعادتها وتكرارها واتبع ذلك بغثاثة في البيت الثاني وتكرار تغث فلست تجد ما تزيد على هذين البيتين في القبح.

ولم يزل الناس على وجه الدهر منكرين قول امرئ القيس بن حجر:

ألا إنني بال على جمل بال ... يقود بنا بال ويتبعنا بال

وهو لعمري قبيح وإن كان بيت هذا الفن الذي لا غاية وراءه في القبح قول مسلم بن الوليد الأنصاري:

سلت وسلت ثم سل سليلها ... فأتى سليل سليلها مسلولا2

ولولا أن هذا البيت مروي لمسلم وموجود في ديوانه لكنت أقطع على أن قائله أبعد الناس ذهناً وأقلهم فهماً وممن لا يعد في عقلاء العامة فضلاً عن عقلاء الخاصة ولكنى أخال خطرة من الوسواس أو شعبة من البرسام عرضت له وقت نظم هذا البيت فليته لما عاد إلى صحة مزاجه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015