سر الفصاحه (صفحة 148)

ويجب أن تعلم أن هذا الموضع من حشو البيت شديد المراعاة لأجل أنه القافية فإذا وقعت فيه الإصابة أو الخطأ كان أظهر لهما إذا وقعا في كلمة من متن البيت لما يختص به هذا الموضع من فضل العناية إذ كان متميزاً بالقصد مما هو طرف وقافية.

وعلى هذا يقع الأمر أيضاً في السجع من الكلام المنثور وكثيراً ما يتعذر على مؤلفه القرينة فيتحمل الكلام تمحلا شديداً ويأتي بمعان خارجة عن غرضه حتى يظفر بالسجعة بعد تعب ويكون معها بمنزلة من يطلب شيئاً يقصده فهو يجد في الطلب والمقصود يجتهد في الهرب ويجئ من هذا اختلاف الفصول في الطول والقصر يجتهد في الهرب ويجئ من هذا اختلاف الفصول في الطول والقصر لأنه يحتاج في طلب القرينة إلى إطالة الفصل حتى يزيد على ما قبله زيادة فاحشة وهذا عيب ظاهر في أكثر من ينتحل صناعة الكتابة في زماننا هذا. وقد سن الكتاب المتقدمون من تجنب السجع في أكثر كلامهم سنة لو اعتمدت لوجدت فيها الراحة من هذا العارض لأنهم إذا كانوا لا يحفلون بالسجع فالواجب إطراحه في الموضع الذي يكون متكلفاً نافراً. فأما الشعر فلا مندوحة عن القافية فإن تعذرت في البيت فليس غير ترك ذلك البيت رأساً وسيأتي الكلام في هذا الباب إذا صرنا إلى ذكر التناسب في الألفاظ بمشيئة الله وعونه.

فأما زيادة: ما في قول الله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} 1 وقوله تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} 2 فإن لها هنا تأثيراً في حسن النظم وتمكيناً للكلام في النفس وبعداً به عن الألفاظ المبتذلة فعلى هذا لا يكون حشوا لا يفيد.

وأهل النحو يقولون إن ما في هذا الموضع صلة مؤكدة للكلام وقد يكون التوكيد عندهم بالتكرار كما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015