سر الفصاحه (صفحة 147)

فإنه لما أتى على التشبيه قبل القافية واحتاج إليها جاء بزيادة حسنة في قوله: لم يثقب لأن الجزع إذا كان غير مثقوب كان أشبه بالعيون.

وكذلك قول زهير بن أبي سلمى:

كأن فتات العهن في كل منزل ... نزلن به حب الفنا لم يحطم

فقوله: لم يحطم في هذا البيت مثل لم يثقب في البيت الذي قبله.

وروى أبو الفرج قدامة بن جعفر عن محمد بن يزيد المبرد عن التوزي. قال قلت للأصمعي: من أشعر الناس. فقال: من يأتي إلى المعنى الخسيس فيجعله بلفظه كبيرا أو الكبير فيجعله بلفظه خسيساً أو ينقضي كلامه قيل القافية فإذا احتاج إليها أفاد بها معنى قال نحو من قال: نحوذي الرمة: حيث يقول:

قف العيس في أطلال مية فأسأل ... رسوماً كأخلاق الرداء

فتم الكلام. ثم قال: المسلسل فزاد شيئاً ثم قال:

أظن الذي يجدي عليك سؤالها ... دموعا كتبديد الجمان

فتم كلامه ثم قال: المفصل فزاد شيئاً. قال قلت ونحو من قال الأعشى حيث يقول:

كناطح صخرة يوماً ليفلقها ... فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل

فزاد معنى. قال قلت: وكيف صار الوعل مفضلاً على كل ما ينطح قال: لأنه ينحط من أعلى الجبل على قرنيه فلا يضيره.

وقد سمى أصحاب صناعة الشعر هذا المعنى الإيغال وأرادوا بذلك أن الشاعر يوغل بالقافية في الوصف إن كان واصفاً وفي التشبيه أن كان مشبهاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015