الثوب كما لا يحمل أن يقال ما شربت أعذب من ماء هذه القصيدة لأن هذا القول مخصوص بحقيقة الماء لا بماء هو مستعار له وأبو تمام بقوله: لا تسقني ما الملام ذاهب عن الوجه على كل حال ثم لا يجوز أن يريد هنا بالماء الرونق لأن الملام لا يوصف بذلك وإنما يذم ويستقبح ولا يحمد ويستحسن وأبو تمام القائل:
عذلاً شبيهاً بالجنون كأنما ... قرأت به الورهاء شطر كتاب1
فبهذا وأمثاله ينعت الملام لا بالماء الذي هو الرونق والطلاوة فقد بان فساد هذا الاعتذار من هذا النحو.
وأما ماء الصبابة وماء الهوى فقد بين أبو بكر أنهم يريدون به الدمع فكيف يقول إنه استعارة والدمع ماء حقيقي بلا خلاف وعلى أي وجه يحمل ماء الملام في الاستعارة على ماء الدمع وهو حقيقة؟
وأما مقابلة اللفظ باللفظ واستشهاده بالآيات المذكورة فقد ذكرنا الكلام عليه فيما تقدم وبينا أن هذا مجاز ولا يقاس عليه ولا يحسن منا المقابلة في موضع يعترضنا فيه فساد في المعنى أو خلفي اللفظ كهذه الاستعارة أو ما يجرى مجراها كما لا يحسن بنا غير ذلك في المجاز إذا أدى إلى اللبس والإشكال.
وقال أبو القاسم الحسن بن بشر الآمدي2: ليس قول أبي تمام لا تسقني ماء الملام بعيب عندي لأنه لما أراد أن يقول قد استعذبت ماء بكائي جعل للملام ماء ليقابل ماء بماء وإن لم يكن للملام ماء على