سر الفصاحه (صفحة 132)

يتوجه على أحدهما إلا ما يتوجه على الآخر.

وما زال العلماء بالشعر ينكرون هذه الاستعارة على ذي الرمة ويعتدونها من اساآته وقد تجاوز الشريف الرضى في بعض المواضع ذكر الرأس لليل إلى أن جعل له مخاً وعظماً فقال:

ليالي أسرى في أصيحاب لذة ... ومخ الدجى رار وقد دق عظمه1

وهو من أردأ ما يكون في هذا الباب وأشنعه.

وما زال الناس ينكرون قول أبي تمام:

لا تسقني ماء الملام فإنني ... صب قد استعذبت ماس بكائي

ويحكون الحكاية المعروفة عن سائل سأل أبا تمام أن ينفذ له في إناء شيئاً من ماء الملام وربما نسبها بعض الرواة إلى عبد الصمد بن المعذل. وقد تصرف أصحاب أبي تمام في التأويل له فقال بعضهم إن أبا تمام أبكاه الملام وهو يبكى على الحقيقة فتلك الدموع هي ماء الملام وهذا الاعتذار فاسد لأن أبا تمام قال: - قد استعذبت ماء بكائي - وإذا كان ماء الملام هو ماء بكائه فكيف يكون مستعفياً منه مستعذباً له.

وقال أبو بكر محمد بن يحيى الصولي 2: كيف يعاب أبو تمام إذا قال ماء الملام وهم يقولون كلام كثير الماء وقال يونس بن حبيب في تقديم الأخطل. لأنه أكثرهم ماء شعر ويقولون ماء الصبابة وماء الهوى يريدون الدمع. وقال ذو الرمة:

أأن توهمت من خرقاء منزلة ... ماء الصبابة من عينيك مسجوم3

طور بواسطة نورين ميديا © 2015