سر الفصاحه (صفحة 120)

وذكر أبياتاً من هذا النحو ثم قال: فكيف أنكرت على أبي الطيب أن جعل له فؤاداً قال فلم يحرجوا أبا غير أن قال إذا استبرأت نفسي1 وجدت بين استعارة ابن أحمر للريح لباً واستعارة أبي الطيب للطيب قلوباً بوناً بعيداً وربما قصر اللسان عن مجاراة الخاطر ولم يبلغ الكلام مبلغ الهاجس ثم قال القاضي أبو الحسن وقد أجد لهذا الفصل الذي تحمل له بعض البيان وذلك أن الريح لما خرجت بعصوفها عن الاستقامة وزالت عن الترتيب شبهت بالأهوج الذي لا مسكة في عقله ولا زبر للبه ولما كان مدار الهوج في الالتياث على العقل حسن من هذا الوجه أن يجعل للريح عقلاً فأما الدهر فإنما يراد بذكره أهله فإذا جعل الممدوح للدهر ساعداً فقد أقيم لأهله مقام هذه الجوارح من الإنسان وليس للطيب والبيض واليلب ما يشبه القلب ولا ما يجرى مع هذه الاستعارة في طريق ثم قال ابن عبد العزيز: وإنما يحمل ما جاء من ألفاظ المحدثين وكلام المولدين زائلاً عن السنن على وجوه تقربهم من الإصابة وتقيم لهم بعض العذر وتلك الوجوه تختلف بحسب اختلاف مواضعه وتتباين على قدر تباين المعاني المتضمنة له. ولهذا قال أبو الطيب:

مسرة في قلوب الطيب مفرقها

فإنما يريد أن مباشرة مفرقها شرف ومجاورته له زين ومفخر وأن التحاسد يقع فيه والحسرة تعظم عليه. فلو كان الطيب ذا قلب لسر كما لو كانت البيض ذوات قلوب لأسفت وإذا جعل للزمان فؤاداً ملأته هذه الهمة فإنما أورده على مقابلة اللفظ باللفظ فلما افتتح البيت بقوله:

تجمعت في فؤاده همم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015