مسرة في قلوب الطيب مفرقها ... وحسرة في قلوب البيض واليلب1
فمن أبعد ما يكون في هذا الباب ولا عذر يتوجه له في الاستعارة للطيب والبيض واليلب قلوباً تسر وتتحسر.
وذكر القاضي أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني2 صاحب كتاب الوساطة بين المتنبي وخصمه: أن بعض أصحابه جاراه أبياتاً أبعد أبو الطيب فيها الاستعارة وخرج عن حد الاستعمال والعادة وكان منها هذا البيت الذي ذكرناه وقوله أيضاً:
تجمعت في فؤاده همم ... ملئ فؤاد الزمان إحداها
قال فقلت له: هذا ابن أحمر يقول:
ولهت عليه كل معصفة ... هو جاء ليس للبها زبر3
فما الفصل بين من جعل للريح لباً ومن جعل للبيض واليلب قلوباً وهذا الكميت يقول:
ولما رأيت الدهر يقلب ظهره ... على بطنه فعل الممعك بالرمل4
وهذا ابن رميلة يقول:5
هم ساعد الدهر الذي يتقى به ... وما خير كف لا تنوء بساعد