وبأن الصلاة على الجنازة، في حقه صلى الله عليه وسلم فرض عين كما يؤخذ من قول بعض الحنفية أن في عهده لا يسقط فرض الجنازة إلّا بصلاته.
وبوجوب حفظ أقوال المسلمين. قاله أبو سعيد النيسابوري في «الشرف» .
خص صلى الله عليه وسلم بتخيير بعض نسائه في فراقه واختياره على الصحيح، قال الله- سبحانه وتعالى-: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ، قُلْ لِأَزْواجِكَ: إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلًا [الأحزاب/ 28] الآية، والأمر في ذلك للوجوب، ولا يجب ذلك على غيره. وسبب نزول هذه الآية قد اختلف فيه، فقيل: إن أزواجه سألنه النفقة وطلبن منه ما لا يقدر عليه صلى الله عليه وسلم، كما
في حديث مسلم من حديث جابر- رضي الله تعالى عنه- قال: دخل أبو بكر وعمر- رضي الله تعالى عنهما- على النبي صلى الله عليه وسلم وحوله نساؤه يسألنه وهو ساكت فقال عمر- رضي الله تعالى عنه-: لأكلمن النبي صلى الله عليه وسلم لعله يضحك، فقال عمر: يا رسول الله، لو رأيت بنت خارجة سألتني النفقة، فقمت إليها فوجأت عنقها، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:
هن حولي كما ترى يسألنني النفقة، فقام أبو بكر إلى عائشة ليضربها، وقام عمر إلى حفصة ليضربها كلاهما يقولان: تسألان رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليس عنده؟ وأنزل الله الخيار فبدأ بعائشة فقال: إني ذاكر لك أمرا، فأحب أن لا تعجلي منه حتى تستأمري أبويك، قالت: ما هو؟ فتلا عليها: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ، قُلْ لِأَزْواجِكَ: إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها [الأحزاب/ 28] الآية، قالت عائشة: أفيك استأمر أبوي بل أختار الله ورسوله.
ولا مخالفة بين هذا الحديث وما
في صحيح البخاري عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- أنه سأل عمر بن الخطاب عن قصة المرأتين اللتين تظاهرتا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر اعتزال رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه، وكان قال: ما أنا بداخل عليهن شهرا من شدة مؤاخذته عليهن حين عاتبه الله، فلما مضت تسع وعشرون ليلة، دخل على عائشة فبدأ بها فقالت له عائشة: يا رسول الله، إنك كنت قد أقسمت أن لا تدخل علي شهرا، وإنما أصبحت من تسع وعشرين، أعدها عدا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«الشهر تسع وعشرون، وكان ذلك الشهر تسعا وعشرين، قالت عائشة- رضي الله تعالى عنها-: ثم نزلت بعد آية التخيير» .
الحديث. لأنه يمكن الجمع، كما قال الحافظ: بأن تكون القصتان جميعا سبب الاعتزال، والاعتزال سبب التّخيير.
فإن قصة المتظاهرتين خاصة بهما، وقصة سؤال النفقة عامة في جميع النسوة، وهو مفهوم من سياق الحديث.