. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَالَ ثَبَتَ النَّسَبُ بِإِقْرَارِهِ وَاحِدًا كَانَ، أَوْ جَمَاعَةً، وَهَذَا مَذْهَبُ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ قَامُوا مَقَامَ الْمَيِّتِ وَحَلُّوا مَحَلَّهُ.
الثَّانِي: لِلْهَادَوِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِلْحَاقُ مِنْ غَيْرِ الْأَبِ، وَإِنَّمَا الْمُقَرُّ بِهِ يُشَارِكُ الْمُقِرَّ فِي الْإِرْثِ دُونَ النَّسَبِ وَلَكِنَّ «قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَبْدٍ هُوَ أَخُوك» كَمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ دَلِيلُ ثُبُوتِ النَّسَبِ فِي ذَلِكَ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِلُحُوقِ النَّسَبِ بِإِقْرَارِ غَيْرِ الْأَبِ هَلْ هُوَ إقْرَارُ خِلَافَةٍ وَنِيَابَةٍ عَنْ الْمَيِّتِ، فَلَا يُشْتَرَطُ عَدَالَةُ الْمُسْتَلْحِقِ بَلْ وَلَا إسْلَامُهُ، أَوْ هُوَ إقْرَارُ شَهَادَةٍ فَتُعْتَبَرُ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الشَّهَادَةِ؟ فَقَالَتْ الشَّافِعِيَّةُ وَأَحْمَدُ إنَّهُ إقْرَارُ خِلَافَةٍ وَنِيَابَةٍ، وَقَالَتْ الْمَالِكِيَّةُ إنَّهُ إقْرَارُ شَهَادَةٍ. وَاسْتَدَلَّ الْهَادَوِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ بِالْحَدِيثِ عَلَى عَدَمِ ثُبُوتِ النَّسَبِ بِالْقِيَافَةِ لِقَوْلِهِ «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» قَالُوا: وَمِثْلُ هَذَا التَّرْكِيبِ يُفِيدُ الْحَصْرَ وَلِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ بِالْقِيَافَةِ لَكَانَتْ قَدْ حَصَلَتْ بِمَا رَآهُ مِنْ شَبَهِ الْمُدَّعَى بِهِ بِعُتْبَةَ وَلَمْ يَحْكُمْ بِهِ لَهُ بَلْ حَكَمَ بِهِ لِغَيْرِهِ وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ إلَى ثُبُوتِهِ بِالْقِيَافَةِ إلَّا أَنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِهَا فِيمَا حَصَلَ مِنْ وَطْأَيْنِ مُحَرَّمَيْنِ كَالْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ يَطَآنِ الْجَارِيَةَ فِي طُهْرٍ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ وَاسْتَدَلُّوا بِمَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ «اسْتِبْشَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِ مُجَزِّزٍ الْمُدْلِجِيِّ، وَقَدْ رَأَى قَدَمَيْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَزَيْدٍ إنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ فَاسْتَبْشَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ وَقَرَّرَهُ عَلَى قِيَافَتِهِ» وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ فِي آخِرِ بَابِ الدَّعَاوَى وَبِمَا ثَبَتَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قِصَّةِ اللِّعَانِ إنْ جَاءَتْ بِهِ عَلَى صِفَةِ كَذَا فَهُوَ لِفُلَانٍ، أَوْ عَلَى صِفَةِ كَذَا فَهُوَ لِفُلَانٍ، فَإِنَّهُ دَلِيلُ الْإِلْحَاقِ بِالْقِيَافَةِ، وَلَكِنْ مَنَعَتْهُ الْأَيْمَانُ عَنْ الْإِلْحَاقِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْقِيَافَةَ مُقْتَضٍ لَكِنَّهُ عَارَضَ الْعَمَلَ بِهَا الْمَانِعُ «وَبِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأُمِّ سُلَيْمٍ لَمَّا قَالَتْ أَوَ تَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ؟ ،: فَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ؟» وَلِأَنَّهُ أَمَرَ سَوْدَةَ بِالِاحْتِجَابِ كَمَا سَلَفَ لِمَا رَأَى مِنْ الشَّبَهِ وَبِأَنَّهُ «قَالَ لِلَّذِي ذَكَرَ لَهُ أَنَّ امْرَأَتَهُ أَتَتْ بِوَلَدٍ عَنْ غَيْرِ لَوْنِهِ لَعَلَّهُ نَزَعَهُ عِرْقٌ» ، فَإِنَّهُ مُلَاحَظَةٌ لِلشَّبَهِ وَلَكِنَّهُ لَا حُكْمَ لِلْقِيَافَةِ مَعَ ثُبُوتِ الْفِرَاشِ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ، وَقَدْ أَجَابَ النُّفَات لِلْقِيَافَةِ بِأَجْوِبَةٍ لَا تَخْلُو عَنْ تَكَلُّفٍ وَالْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ يُثْبِتُهُ الدَّلِيلُ الظَّاهِرُ وَالتَّكَلُّفُ لِرَدِّ الظَّوَاهِرِ مِنْ الْأَدِلَّةِ مُحَامَاةٌ عَنْ الْمَذَاهِبِ لَيْسَ مِنْ شَأْنِ الْمُتَّبِعِ لِمَا جَاءَ عَنْ اللَّهِ وَعَنْ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَأَمَّا الْحَصْرُ فِي حَدِيثِ " الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ " فَنَعَمْ هُوَ لَا يَكُونُ الْوَلَدُ إلَّا لِلْفِرَاشِ مَعَ ثُبُوتِهِ وَالْكَلَامُ مَعَ انْتِفَائِهِ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ حَصْرًا أَغْلَبِيًّا، وَهُوَ غَالِبُ مَا يَأْتِي مِنْ الْحَصْرِ، فَإِنَّ الْحَصْرَ الْحَقِيقِيَّ قَلِيلٌ، فَلَا يُقَالُ قَدْ رَجَعْتُمْ إلَى مَا ذَمَمْتُمْ مِنْ التَّأْوِيلِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلِلْعَاهِرِ أَيْ الزَّانِي الْحَجَرُ فَالْمُرَادُ لَهُ الْخَيْبَةُ وَالْحِرْمَانُ وَقِيلَ: لَهُ الرَّمْيُ بِالْحِجَارَةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَقْصُرُ الْحَدِيثَ عَلَى الزَّانِي الْمُحْصَنِ وَالْحَدِيثُ عَامٌّ.