(1240) - وَعَنْ ابْنِ أَبِي أَوْفَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعَ غَزَوَاتٍ نَأْكُلُ الْجَرَادَ» ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ أَكْثَرَ انْتِفَاعِهِمْ بِهَا لِذَلِكَ فَاقْتَصَرَ فِي كُلٍّ مِنْ الصِّنْفَيْنِ بِأَغْلَبَ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِيهِ " الرَّابِعُ " مِنْ وُجُوهِ دَلَالَةِ الْآيَةِ: لَوْ أُبِيحَ أَكْلُهَا لَفَاتَتْ الْمَنْفَعَةُ الَّتِي امْتَنَّ بِهَا وَهِيَ الرُّكُوبُ وَالزِّينَةُ (وَأُجِيبَ) عَنْهُ بِأَنَّهُ لَوْ لَزِمَ مِنْ الْإِذْنِ فِي أَكْلِهَا أَنْ تَفْنَى لَلَزِمَ مِثْلُهُ فِي الْبَقَرِ وَنَحْوِهَا مِمَّا أُبِيحَ أَكْلُهُ وَوَقَعَ الِامْتِنَانُ بِهِ لِمَنْفَعَةٍ أُخْرَى. وَقَدْ أُجِيبَ عَنْ الِاسْتِدْلَالِ بِالْآيَةِ بِجَوَابٍ إجْمَالِيٍّ وَهُوَ أَنَّ آيَةَ النَّحْلِ مَكِّيَّةٌ اتِّفَاقًا وَالْإِذْنُ فِي أَكْلِ الْخَيْلِ كَانَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ مِنْ مَكَّةَ بِأَكْثَرَ مِنْ سِتِّ سِنِينَ، وَأَيْضًا فَإِنَّ آيَةَ النَّحْلِ لَيْسَتْ نَصًّا فِي تَحْرِيمِ الْأَكْلِ وَالْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي جَوَازِهِ، وَأَيْضًا لَوْ سَلِمَ مَا ذُكِرَ كَانَ غَايَتُهُ الدَّلَالَةَ عَلَى تَرْكِ الْأَكْلِ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِلتَّحْرِيمِ أَوْ لِلتَّنْزِيهِ أَوْ خِلَافِ الْأَوْلَى.
وَحَيْثُ لَمْ يَتَعَيَّنْ هُنَا وَاحِدٌ مِنْهَا لَا يَتِمُّ بِهَا التَّمَسُّكُ بِالْأَدِلَّةِ الْمُصَرِّحَةِ بِالْجَوَازِ أَوَّلًا؛ وَأَمَّا زَعْمُ الْبَعْضِ أَنَّ حَدِيثَ جَابِرٍ دَالٌّ عَلَى التَّحْرِيمِ لِكَوْنِهِ وَرَدَ بِلَفْظِ الرُّخْصَةِ وَالرُّخْصَةُ اسْتِبَاحَةُ الْمَحْظُورِ مَعَ قِيَامِ الْمَانِعِ، فَدَلَّ أَنَّهُ رَخَّصَ لَهُمْ فِيهَا بِسَبَبِ الْمَخْمَصَةِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الْحِلِّ الْمُطْلَقِ فَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ وَرَدَ بِلَفْظِ " أَذِنَ لَنَا " وَلَفْظُ أَطْعَمَنَا فَعَبَّرَ الرَّاوِي بِقَوْلِهِ رَخَّصَ لَنَا عَنْ أَذِنَ لَا أَنَّهُ أَرَادَ الرُّخْصَةَ الِاصْطِلَاحِيَّةَ الْحَادِثَةَ بَعْدَ زَمَنِ الصَّحَابَةِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ (أَذِنَ) وَ (رَخَّصَ) فِي لِسَانِ الصَّحَابَةِ. .
(وَعَنْ ابْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: «غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعَ غَزَوَاتٍ نَأْكُلُ الْجَرَادَ» وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ وَالْوَاحِدَةُ جَرَادَةٌ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى كَحَمَامَةٍ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى حِلِّ الْجَرَادِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ إجْمَاعٌ وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «كَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَهَادَيْنَ الْجَرَادَ فِي الْأَطْبَاقِ» . وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيّ: إنَّ جَرَادَ الْأَنْدَلُسِ لَا يُؤْكَلُ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ مَحْضٌ. فَإِذَا ثَبَتَ مَا قَالَهُ فَتَحْرِيمُهَا لِأَجْلِ الضَّرَرِ كَمَا تَحْرُمُ السَّمُومُ وَنَحْوُهَا. وَاخْتَلَفُوا هَلْ أَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْجَرَادَ أَمْ لَا وَحَدِيثُ الْكِتَابِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ مَعَهُمْ إلَّا أَنَّ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ زِيَادَةَ لَفْظٍ: " نَأْكُلُ الْجَرَادَ مَعَهُ " قِيلَ وَهِيَ مُحْتَمِلَةٌ أَنَّ الْمُرَادَ غَزَوْنَا مَعَهُ فَيَكُونُ تَأْكِيدًا لِقَوْلِهِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ نَأْكُلُ مَعَهُ (قُلْت) وَهَذَا الْأَخِيرُ هُوَ الَّذِي يَحْسُنُ حَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَيْهِ إذْ التَّأْسِيسُ أَبْلَغُ مِنْ التَّأْكِيدِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَقَعَ فِي الطِّبِّ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ بِزِيَادَةٍ: وَيَأْكُلُ مَعَنَا وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ أَنَّهُ «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْجَرَادِ فَقَالَ: لَا آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ» فَقَدْ أَعَلَّهُ الْمُنْذِرِيُّ بِالْإِرْسَالِ وَكَذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي تَرْجَمَةِ ثَابِتِ بْنِ زُهَيْرٍ عَنْ