وأقام الدِّينْ، وترك أمتَهُ على البيضاءِ الواضحةِ البينةِ للسالكينْ، وقال: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ *} [يُوسُف: 108] (?) .
فصلَّى الله على نبيِّنا كلَّما ذكره الذاكرون، وغفَلَ عن ذِكْره الغافلون، أفضلَ وأكثَرَ وأزكى ما صلَّى على أحدٍ مِنْ خَلْقِه، وجزاه اللهُ عنا أفضَلَ ما جزى مُرْسَلاً عَمَّنْ أُرْسِلَ إليه.
أما بعد:
فيسرُّنا أن نضعَ بين يديكَ- أخي القارئ- أحدَ كتبِ السُّؤالاتِ المهمَّة، وهو "سؤالاتُ السُّلَميِّ للدارقطنيِّ"؛ في جرحِ الرُّواةِ وتعديلِهم.
وكتبُ السُّؤالات نمَطٌ من التصنيفِ معروفٌ؛ يجمع فيه مُصَنِّفُه مايوجِّهُه إلى شيخِه من أسئلةٍ عمَّا يُشْكِلُ عليه من المسائلِ في الفنِّ الذي اشتُهِرَ به الشيخ، أو ما يهمُّه معرفةُ رأي شيخِهِ فيه.
وتوجيهُ الأسئلةِ إلى أهلِ العلمِ والذِّكْرِ أصلٌ دلَّت عليه نصوصُ الكتابِ والسنَّةِ:
فقد أَمرَنا اللهُ في مُحكَمِ التنزيلِ بسؤالِ أهلِ الذِّكْرِ واستفتائِهم؛ قال سبحانه: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [النّحل: 43] .
وقد وردتْ آياتٌ كثيرةٌ فيها ذِكْرُ أسئلةٍ وُجِّهتْ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛