بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحَمْدُ للهِ الَّذِي ظهر لأوليائِهِ بنُعوتِ جلالِهْ، وأنارَ قلوبَهم بمشاهدةِ صفاتِ كمالِهْ، وتَعرَّفَ إليهم بما أسداه إليهم من إنعامِهِ وإِفضالِهْ؛ فعلموا أنه الواحدُ الأحَدْ، الفردُ الصَّمدْ؛ الذي لا شريكَ له في ذاتِهِ ولا في صفاتِهِ ولا في أفعالِهْ، بل هو كما وصف به نفسَهُ وفوقَ ما يَصفُهُ به أحدٌ من خلقِهِ في إكثارِهِ وإقلالِهْ، لا يحصي أحدٌ ثناءً عليه، بل هو كما أثنى على نفسِه على لسانِ مَن أكرمهم بإرسالِهْ.
ونشهدُ أنْ لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له إلهًا واحدًا أحدًا فردًا صمدًا جَلَّ عن الأشباه والأمثالْ، وتَقدَّسَ عن الأضدادِ والأندادِ والشركاءِ والأشكالْ، ونشهد أن محمدًا عبدُهُ ورَسولُهُ القائمُ له بحقِّهْ، وأمينُه على وحيِهْ، وخِيرته مِن خلقِهْ، أرسلَه رحمةً للعالمينْ، وإمامًا للمتَّقينْ، وحسرةً على الكافرينْ، وحُجَّةً على العبادِ أجمعينْ، بعثَه على حينِ فَتْرةٍ مِن الرُّسُلْ، فهدى به إلى أقومِ الطُّرُقِ وأوضحِ السُّبُلْ، وافترض على العبادِ طاعتَهُ ومحبَّتَهُ وتعظيمَه وتوقيرَهُ والقيامَ بحقوقِهْ، وسدَّ إلى جنتِهِ جميعَ الطُّرُقِ فلم يفتحْ لأحدٍ إلا من طريقِهْ، فشَرَح له صدرَهْ، ووضع عنه وِزْرَهْ، ورَفع له ذِكْرَهْ، وجعل الذُّلَّ والصَّغارَ على مَن خالَف أمرَهْ، فلم يزلْ صلى الله عليه وسلم قائمًا بأمرِ الله لا يَرُدُّه عنه رادّ، مُشَمِّرًا في مرضاةِ اللهِ لا يَصُدُّه عن ذلك صادّ، إلى أن أشرقتِ الدنيا برسالتِهِ ضياءً وابتهاجَا، ودخل الناسُ في دينِ اللهِ أفواجًا أفواجَا. بلَّغ الرسالةْ، وأَدَّى الأمانةْ، ونَصَح الأمةْ، وجاهد في اللهِ حقَّ الجهادِ