تحرير هذه المسألة: أنها إذا كانت بخطه تقبل على الصحيح، وإن كانت بغير خطه، وهي مشهود عليه فيها، وقرأه عليه، فالصحيح أيضا تقبل، والله أعلم.
ومنها: أن العتق بالكتابة يصح، كما هو ظاهر كلام ابن عقيل، والله أعلم.
ومنها: النكاح هل يصح بالكتابة؟ فقال في "المحرر": "ويصح بالكتابة والإشارة، نص عليه".
ومنها: الطلاق، وفيه ثلاث صور: إذا كتبه بما يبين ونوى الطلاق وقع، وجزبه في "الوجيز" و"المقنع"، وأكثر أصحاب الإمام أحمد.
الصورة الثانية: إذا كتبه ولم ينو الطلاق، لكن نوى غم أهله أو تجويد خطه، لم تطلق، جزم به في "المقنع" وأكثر الأصحاب. وهل تقبل دعواه في الحكم؟ يخرج على روايتين.
وإن لم ينو شيئا، لا تجويد خطه، ولا غم أهله، ولا شيء، فهل يقبل؟ فيه وجهان.
الصورة الثالثة: إذا كتبه بشيء لا يبين، لم يقع، جزم به في "الوجيز" وقدمه في "المقنع"، ولنا قول بالوقوع، وهو قول أبي حفص العكبري، والله أعلم بالصواب.
ومنها: إذا حلف لا تكلم زيدا، فكاتبته، حنث جزم به في "الوجيز" و "المقنع" وغيرهما.
ومنها: كتاب القاضي إلى القاضي، لا بد من الإشهاد عليه، وهو أن يقرأه عليهما، فإذا قرأه عليهما وأشهدهما بما فيه جاز، وإن كتبه وختمه وقال: أشهدا على بما فيه، ولم يقرأه عليهما، لم يجز لظاهر نص أحمد في الوصية، وخرج غير واحد الجواز في مسألة الوصية.
فأما إن كتبه وأرسله إليه من غير إشهاد، لم يقبل قولا واحدا، والله أعلم.
ومنها: الشاهد إذا وجد خطه، ولم يذكر الشهادة، وتحقق الخط، فهل له أن يشهد به؟ على روايتين. وجزم به في "الوجيز" بالشهادة عليه، والله أعلم.
ومنها: الحاكم، إذا وجد شيئا تحت ختمه في قمطرة بخطه، فهل له أن ينفذه؟ فيه روايتان، والذي جزم في "الوجيز" أيضا إنفاذه.
ومنها: إذا وجد في دفتر له عليه دينا لزمه قضاءه، وأما إذا وجد أن لأبيه دينا، فهل له أن يحلف عليه؟ فإن تحقق أنه أباه لم يقبضه فله أن يحلف عليه، وإلا فلا، والله أعلم.
ومنها: الإقرار، هل يصح بالكتابة؟ لم أر فيه شيئا المسألة الثالثة: وهو ما يفهم من حال الشيء، منها: ما حكاه الطحاوي عن الأوزاعي في أعجمي ناول امرأته حبلا، فأمسك بطرفه، والمرأة بطرفه الآخر، ثم أخذ سكينا وقطعه، وقال: أردت بذلك الطلاق، أنها تطلق. ذكره ابن رجب في "شرح البخاري".
ومنها: إذا حلف لا تكلم زيدا، فكلمته، فلم يسمع لشغل أو غفلة، أو سكرانا، أو مجنونا، أو أصم، أو راسلته، حنث، جزم به في "الوجيز"، وقدمه في "المقنع".
وإن كلمته ميتا أو غائبا، أو مغمى عليه، أو نائما لم يحنث، جزم به في "الوجيز"، وقدمه في "المقنع"، ولنا قول بالحنث، وهو قول أبي بكر بن جعفر من أصحابنا، والله أعلم.
قاعدة: الضمير إذا سبقه المضاف والمضاف إليه، وأمكن عوده على كل منهما على انفراده كقوله: "مررت بغلام زيد فأكرمته"، فإنه يعود على المضاف دون المضاف إليه، لأن المضاف هو المحدث عنه، والمضاف إليه وقع ذكره بطريق التبع، وهو تعريف المضاف أو تخصيصه.
كذا ذكره أبو حيان في " تفسيره" وكتبه النحوية، وأبطل استدلال ابن حزم ومن نحا نحوه كالماوردي في الحاوي على نجاسة "الخنزير" بقوله تعالى: (أو لحم خنزير فإنه رجس) ، حيث زعموا أن الضمير في قوله تعالى: (فإنه رجس) ، يعود إلى الخنزير، وعللوه بأنه أقرب مذكور.
إذا علمت هذا فمن فروع المسألة: إذا قال له: علي ألف درهم ونصفه، قال الأسنوي:"فالقياس يلزمه ألف وخمس مائة لا ألف ونصف درهم، وهكذا القول في الوصايا، والبياعات، والوكالات، والإجارات وغيرها، والله أعلم.
قاعدة: الضمير في "أنت" - بفتح التاء للمذكر وكسرها للمؤنث واختلفوا، فقال الفراء: "جميعه هو الضمير"، وقال ابن كيسان: "الاسم منه "التاء" فقط"، وذهب بعض المتقدمينفيه إلى أنه مركب من "ألف" أقوم، و"نون" نقوم، و"تاء" تقوم، ولا أصل له. قال في "الإرتشاف" وغيره: إلا أنه يشار إلى المؤنث بإشارة المذكر على إرادة الشخص وعكسه، كذلك أيضا بتقدير الذات أو التسمية ونحوهما.
إذا تقرر هذا، فمن فروع القاعدة: إذا قال لعبده: أنت - بكسر التاء - حر عتق، لأنه أتى بصريح العتق فيقع، ولا عبرة بالضمير ههنا، والله أعلم.