الشبهة الثالثة:
قولهم إن الزيادة والنقصان لا يدخلان إلا في شيء مخلوق، فمن قال إن الإيمان يزيد ويقص فالإيمان إذاً عنده مخلوق1.
والجواب عن هذه الشبهة أن يقال: سبق بيان أن الإيمان عند أهل السنة والجماعة يتفاضل من جهتين من جهة أمر الرب ومن جهة فعل العبد، وسبق التدليل على ذلك2. ولم يقل أحد ممن يعتد بكلامه أو يعتبر بقوله إنه يلزم من إثبات الزيادة والنقصان أن يكون الإيمان مخلوقاً ولم يقل أحد إنه يلزم من ذلك أن يكون غير مخلوق، وإنما طرح هذا من ابتلي ببعض الأهواء وأشرب ببعض البدع، ومن السؤالات التي طرحها أهل البدع قديماً على السنة والجماعة قولهم هل الإيمان مخلوق أو غير مخلوق؟
وأشفى جواب في ذلك وأوفاه هو ما نقل عن الإمام أحمد رحمه الله أنه سئل عن ذلك فأجاب بقوله: "أما ما كان من مسموع فهو غير مخلوق، وأما كان من عمل الجوارح فهو مخلوق"3.
فبالتفصيل يستبين السبيل، فإن الإيمان يقصد به أمران: أمر الرب وفعل العبد، فما كان منه من أمر الرب فهو غير مخلوق بل صفة من صفات الخالق اللائقة بجلاله وكماله سبحانه، وأما ما كان منه من فعل العبد كالحركات فهو مخلوق.