ومثل هذا التفاوت في الإبصار بين الناس التفاوت في التصديق بينهم، بل إن تفاوتهم في التصديق أعظم من تفاوتهم في أي شيء آخر1.

سادسها: أن يقال لو لم تتفاوت حقيقة الإيمان لكان إيمان آحاد الأمة بل المنهمكين في الفسق والمعاصي مساوياً لإيمان الأنبياء والملائكة عليهم السلام. واللازم باطل فكذا الملزوم، رقد تقدمت الإشارة إلى هذا القول عند ذكر قول محققي هؤلاء في هذه المسألة2.

سابعها: أن يقال إن تفاوت التصديق في القلوب أمر يعلمه كل إنسان من نفسه فكل أحد يعلم أن ما قام في قلبه من التصديق واليقين في حين أقوى منه في بعض الأحيان، ومن ثم كان إيمان الصديقين أقوى من إيمان غيرهم بحيث لا تعتريهم الشبه ولا يتزلزل إيمانهم بعارض بل لا تزال قلوبهم منشرحة مستنيرة وإن اختلفت عليهم الأحوال، وأما غيرهم من المؤلفة وما قاربهم ونحوهم فليسوا كذلك مما لا يمكن إنكاره، ولا يتشكك عاقل في أن نفس تصديق أبي بكر الصديق رضي الله عنه لا يساويه تصديق آحاد الناس3.

وفي هذه الأوجه كفاية، وليطالع معها ما سبق ذكره في مبحث أوجه زيادة الإيمان ونقصانه من تدليل ونقول عن السلف في ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015