هبات الرحمن وأجل عطياته.

قال ابن القيم رحمه الله: "أفضل ما اكتسبته النفوس، وحصلته القلوب، ونال به العبد الرفعة في الدنيا والآخرة، هو العلم والإيمان، ولهذا قرن بينهما سبحانه في قوله: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْأِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ} 1، وقوله: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} 2.

وهؤلاء هم خلاصة الوجود ولبه، والمؤهلون للمراتب العالية، ولكن أكثر الناس غالطون في حقيقتهما، حتى إن كل طائفة تظن أن ما معها من العلم والإيمان هو الذي به تنال السعادة، وليس كذلك، بل أكثرهم ليس معهم إيمان ينجى ولا علم يرفع، بل قد سدوا على نفوسهم طرق العلم والإيمان اللذين جاء بهما الرسول صلى الله عليه وسلم ودعا إليهما الأمة، وكان عليهما هو وأصحابه من بعده وتابعوهم على منهاجهم وآثارهم ... "3.

ولو ذهبنا نتتبع المفاهيم الخاطئة، والاعتقادات المنحرفة في كلمتي علم وإيمان لطال المقام ولوقفنا على العجب العجاب، إذ إن كل صاحب هوى وبدعة، وكل صاحب طريقة ونحلة يدعي أن ما عنده هو العلم النافع والإيمان الصحيح، والحق أن الإيمان وراء هذه الدعاوى والتخرصات، وفوق هذه الأباطيل والادعاءات فلا علم ولا إيمان إلا ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وما سوى ذلك فهذيان مزوق وبهتان مبهرج4

طور بواسطة نورين ميديا © 2015