وَقد عُني الْعلمَاء بتدوين الحَدِيث فِي المسانيد وَالسّنَن والجوامع والمصنفات، والمعاجم والمشيخات والأجزاء الحديثية وَغَيرهَا من مصَادر السّنة الَّتِي نقلت بِالْأَسَانِيدِ الْمُتَّصِلَة، وضُبطت ألفاظها بِالْعرضِ والمقابلة وَإِثْبَات السماع تَأْكِيدًا على حفظهَا من الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان، مَعَ تَوَاتر الْعزو إِلَيْهَا فِي كتب أهل الْعلم بِمَا لَا يَجْعَل للشَّكّ فِيهَا مجالاً.
وَمن أبرز مَا عُني بِهِ أهل الحَدِيث، زيادات الروَاة عَن شيوخهم، حَيْثُ قد يضيف تلميذ الْمُؤلف أَو من دونه بعض مروياته عَن شُيُوخه بِحَيْثُ تتَمَيَّز بهم عَن مرويات الْمُؤلف.
وَكَانَت هَذِه الزِّيَادَات وَاضِحَة عِنْد مُتَقَدِّمي أهل الحَدِيث لمعرفتهم بالشيوخ والطبقات، ولمّا ضَعُفت الهمم فِيمَن أَتَى بعدهمْ أحتيج إِلَى مَعْرفَتهَا ودراستها والتنبيه إِلَيْهَا، وإفرادها بالتأليف، وَقد جَاءَ هَذَا الْبَحْث فِي دراسة زيادات وَاحِد من هَؤُلَاءِ الروَاة، وَهُوَ: الإِمَام القَطِيعي، ليسهم فِي تَعْرِيف زيادات الروَاة، واستنباط أَنْوَاعهَا، وَمَعْرِفَة درجتها، وضوابطها، وَكَانَ ذَلِك من أَسبَاب اخْتِيَار هَذَا الْمَوْضُوع، إِضَافَة إِلَى تَأْكِيد مَا يَلِي:
1 - منزلَة فن زيادات رُوَاة الْكتب، وَهُوَ مِمَّا يسْتَدرك على من ألف فِي مصطلح الحَدِيث.
2 - الْحَاجة إِلَى معرفَة أَصْحَاب الزِّيَادَات ومروياتهم، وَلَا سِيمَا أَنهم –وَإِن كَانُوا ثقاتاً فِي أنفسهم - إِلَّا أَنهم لَيْسُوا من النقاد الجهابذة الَّذين ينتقون مروياتهم، بل شَأْن أَكْثَرهم الْعِنَايَة بأَدَاء مَا سمعُوا - سَوَاء أَكَانَ صَحِيحا أم ضَعِيفا - بل قد تكون أَكثر زيادات بَعضهم مَوْضُوعَة كالقطِيعي، حَيْثُ إِنَّهُم يرَوْنَ بَرَاءَة الذِّمَّة بِالْإِسْنَادِ، والعهدة على من رووا عَنهُ من شيوخهم.
3 - أثر هَذَا الْفَنّ فِي تَمْيِيز زيادات رُوَاة الْكتب من مرويات مؤلفيها، وَلَا سِيمَا من كَانَ مَعْرُوفا بالانتقاء حَيْثُ يُؤَدِّي خفاؤها إِلَى الْوَهم فِي نِسْبَة الزِّيَادَات - مَعَ ضعفها - إِلَيْهِم، وَقد وهم الْعَلامَة الهيثمي – مَعَ جلالة قدره – فعزى