واحتفل جمعاً وحشد من المجانيق والعرادات ما لا يحصى كثرة. وأقام بالحدث أياماً، يرهب الناس، ويهول عليهم، وسعد الدولة بحلب غير محتفل به.
ثم إنه أقبل وعلى مقدمته ملك الجزرية تريثاويل، وعلى ميمنته وميسرته البطارقة في الحديد السابغ، فارتاع الناس لذلك، وبث سراياه، وسعد الدولة قد أمر الغلمان بلبس السلاح، فدام على هذا ثلاثة أيام، ثم صف لقتال البلدة وسعد الدولة لا يخرج إليه أحداً حتى استحكم طمعه.
ثم إنه أمر غلمانه بالخروج إليهم في اليوم السابع، فحملوا حملة لم ير أشد منها وقتلوا فيها ملك الجزرية تريثاويل، وكان عمدة عسكرهم، فعند ذلك اشتد القتال.
وأمر سعد الدولة عسكره بالخروج إليه، فالتقوا في الميدان فرجع عسكره أقبح رجوع، وعليه الكآبة، وسير سعد الدولة جيشه خلفه غازياً حتى بلغت عساكره أنطاكية.
وكان الجيش مع وزيره أبي الحسن علي بن الحسين بن المغربي، فافتتح في طريقه دير سمعان عنوة بالسيف، وخرب دير سمعان، وكان بنية عظيمة وحصناً قوياً وقد ذكر لنا ذلك الواساني في بعض شعره.
وقيل: إن الدمستق رأى في نومه المسيح، وهو يقول له مهدداً: " لا تحاول أخذ هذه المدينة، وفيها ذلك الساجد على الترس. وأشار إلى موضعه في البرج الذي بين باب قنسرين، وبرج الغنم في المسجد المعروف بمشهد النور. فلما أصبح ملك الروم سأل عنه فوجده ابن أبي نمير عبد الرزاق بن عبد السلام العابد الحلبي، وكان ذلك سبباً لرحيله عن حلب.
وقيل: إنه صالح أهل حلب ورحل.
وقيل: هذا كان في نزول أرومانوس على تبل، سنة إحدى وعشرين وأربعمائة.
وكان ابن أبي نمير من الأولياء الزهاد والمحدثين العلماء وتو في بحلب في سنة خمس وعشرين وأربعمائة، وقبره بباب قنسرين.
ويحتمل أن يكون في سنة إحدى وسبعين، حين نزل بردس على حلب ورحل