وقيل: دام الأمر بحلب مردوداً إلى قرغويه وبكجور، فأحب الأمير أبو الفوارس بكجور الحاجبي الكاسكي التفرد بالأمر دون مولاه، وحدث نفسه بالقبض عليه، فقبض عليه وغدر به، في ذي الحجة من سنة أربع وستين وثلاثمائة. واستولى على حلب، وانفرد بالأمر، وجعل الحاجب محبوساً بقلعة حلب.

وكان سعد الدولة إذ ذاك بحمص، فحين علم بذلك طمع بحلب، فتوجه إليها ومعه بنو كلاب، بعد أن أقطعهم بحمص الإقطاع المعروف بالحمصي، فنزل بهم على معرة النعمان، وبها زهير الحمداني، وقد استولى عليها، وعصى على مولاه، ففتح باب حناك، ودخلوا منه فقاتلهم زهير، وأخرجهم. ثم أحرقوا باب حمص، فخرج زهير مسلماً نفسه بعد أن حلف كبار الحمدانية أنهم لا يمكنوا أبا المعالي منه. فلما حصل معه غدر به فتغيرت

وجوه الحمدانية، فأمرهم بنهب الحصن فنبهوا ما فيه، وأنفذ زهيراً إلى حصن أفامية، فقتل هناك.

وسار أبو المعالي، ونزل بهم على باب حلب: وحاصرها مدة فاستنجد بكجور بالروم، وضمن لهم تسليم حلب وأموالاً كثيره، فتخلوا عنه. وكان نقفور لعنه الله قد قتل على ما شرحناه.

وجد سعد الدولة في حصارها والقتال، فسلم إليه بعض أهل البلد المرتبين في مراكز البلد برج باب الجنان، ورميت أبواب الحديد، وفتحها بالسيف فلم يرق فيها دماً وأمن أهلها.

وانهزم بكجور إلى القلعة فاستعصى بها، وذلك في رجب من سنة خمس وستين وثلاثمائة.

ثم أقام سعد الدولة يحاصر لقلعة مدة حتى نفد ما فيها من القوت، فسلمها بكجور إليه، في شهر ربيع الآخر من سنة سبع وستين وثلاثمائة.

وولى سعد الدولة بكجور حمص وجندها وكان تقرير أمر بكجور بين سعد الدولة وبينه، على يد أبي الحسن علي بن الحسين بن المغربي الكاتب، والد الوزير أبي القاسم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015