وأغلقت أبواب المدينة في وجه ابنها ثلاثة أيام حتى استوثقت منه، وفتحت له. وحين علم ملك الروم بتقوية قرغويه لحلب دخل بلاده.

وأما قرغويه فاستولى على حلب في المحرم من سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة وأمر غلامه بكجور وشاركه في الأمر ودعي لهما على المنابر في عمله. وكتب اسم بكجور على السكة. وكان يخاطب قرغويه بالحاجب، وغلامه بكجور بالأمير.

وحصل زهير غلام سيف الدولة بمعرة النعمان، وكان واليها، وانضاف إليه جماعة من غلمان سيف الدولة. فأقاموا الدعوة بالمعرة لسعد الدولة وكاتبوا مولاهم سعد الدولة أبا المعالي واستدعوه إلى الشام، فسار ونزل منبج، فاجتمعوا معه. ونزلوا على حلب في شهر رمضان من سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة، وحاصروا قرغويه وبكجور. وجرت بينهم حروب يطول ذكرها.

وكتب قرغويه إلى الروم، فاستدعى بطريقاً كان في أطراف بلد الروم لنجدته، وهو خادم كان لنقفور ويعرف بالطربازي، فسار نحوه، ثم عدل إلى أنطاكية، وذلك أن ملك الروم لما نزل ببوقا، ومعه السبي والغنائم على ما ذكرناه توافق هو وأهلها، وكانوا نصارى في أن ينتقلوا إلى أنطاكية، ويظهروا أنهم إنما انتقلوا خوفاً من الروم، حتى إذا حصلوا بها، وصار الروم إلى أنطاكية وافقوهم على فتحها. ففعلوا ذلك ووافقوا نصارى أنطاكية، وكاتبوا الطربازي حين خرج بأن أنطاكية خالية، وليس بها سلطان.

وكان أهلها من المسلمين قد ضيعوا سورها، وأهملوا حراستها فجاء الروم إليها مع الطربازي ويانس بن شمشقيق، في أربعين ألفاً. فأحاطوا بأنطاكية، وأهل بوقا على أعلى السور في جانب منه، فنزلوا وأخلوا السور، فصعده الروم وملكوا البلد، وذلك لثلاث عشرة ليلة خلت من ذي الحجة من سنة ثمان وخمسين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015