رشيق وأطمعه في أن سيف الدولة لا يعود إلى الشام. فطمع واتفق مع ملك الروم على أن يكون في حيزه، ويحمل إليه عن أنطاكية في كل سنة ستمائة ألف درهم. وكان بأنطاكية من قبل سيف الدولة تنج اليمكي أو الثملي، فسار رشيق نحوه فوثب أهل أنطاكية على تنج، فأخرجوه، وسلموا البلد إلى رشيق. فأطمع ابن الأهوازي رشيقاً بملك حلب، لعلمه بضعف سيف الدولة، واشتغاله بالفداء. وعمل له ابن الأهوازي كتاباً ذكر أنه من الخليفة ببغداد، بتقليده أعمال سيف الدولة، فقرئ على منبر أنطاكية.
واجتمع لابن الأهوازي جملة من مال المستغل، وطالب قوماً بودائع ذكر أنها عندهم، واستخدم بتلك الأموال فرساناً ورجالة، واستأمن إليه دزبر بن أوينم الديلمي وجماعة من الديلم الذين كانوا مع الحاجب قرغويه بحلب.
فحصل مع رشيق نحو خمسة آلاف رجل، فسير إليه الحاجب غلامه يمين في عسكر. فخرج إليه رشيق من أنطاكية، والتقوا بأرتاح، فاستأمن يمن إلى رشيق ومضى عسكره إلى حلب، وتوجه رشيق إلى حلب، ونازل حلب، وزحف على باب اليهود، فخرج إليه بشارة الخادم في جماعة، فقاتل إلى الظهر، وانهزم بشارة ودخل من باب اليهود ودخلت خيل رشيق خلفه.
واستولى رشيق على المدينة في اليوم الأول من ذي القعدة سنة أربع وخمسين وثلاثمائة. ونادوا بالأمان للرعية، وقرؤوا كتاباً مختلفاً عن الخليفة بتقليد رشيق أعمال سيف الدولة، وأقام رشيق يقاتل القلعة ثلاثة أشهر وعشرة أيام. وفتح باب الفرج، ونزل غلمان الحاجب من القلعة فحملوا على أصحاب رشيق، فهزموها وأخرجوهم من المدينة. فركب رشيق ودخل من باب أنطاكية، فبلغ إلى القلانسيين وخرج من باب قنسرين، ومضى إلى باب العراق. فنزل غلمان الحاجب، وخرجوا من باب الفرج وهو الباب الصغير.