وما سلم إلا سيف الدولة على ظهر فرسه، وعرفوه فطلبوه، ولزوه إلى جبل عظيم، وتحته واد، فخاف أن يأسروه إن وقف أو رجع، فضرب فرسه بالمهماز، وقبله الوادي، لكي يقتل نفسه، ولا يأسروه فوقع الفرس قائماً.
وخرج سيف الدولة سالماً. وسميت هذه الغزاة غزاة المصيبة، وأخذ
له من الآلات، والأموال، ما لا يحصى حتى أنه ذكر أنه هلك منه من عرض ما كان معه في صحبته خمسة آلاف ورقة بخط أبي عبد الله بن مقلة رحمه الله وكان منقطعاً إلى بني حمدان، وكان قد بلغ سيف الدولة إلى سمندو وأحرق صارخة وخرشنة.
ومنها: أن سيف الدولة بنى مرعش في سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة، وأتاه الدمستق بعساكر الروم ليمنعه منها فأوقع به سيف الدولة الوقعة العظيمة المشهورة.
ومنها: أن سيف الدولة دخل بلد الروم، في سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة، وأغار على زبطرة، والتقاه قسطنطين بن بردس الدمستق على درب موزار وقتل من الفريقين خلق. ثم تم سيف الدولة إلى الفرات، وعبره، وقصد بطن هنزيط، ودخل سيف الدولة سميساط، فخرج الدمستق إلى
ناحية الشام، فرجع سيف الدولة، فلحقه وراء مرعش، فأوقع به، وهزم جيشه، وقتل لاون البطريق في الحرب، وأسر قسطنطين ولد الدمستق، وحمله الإبريق إلى بيت الماء، وكان أمرد، فخرج فوجده قائماً يبكي، ولم يزل عنده حتى مات من علة اعتلها.