الملك المنصور، على مال أخذه منه، وسار إلى منبج، وعزم على أن يهجمها بالسيف، ويقتل جميع من بها، لأنهم قاموا مع الملك الفائز، فشفع إليه الأمراء في أن يسلموها طائعين، ويعفو عنهم، فتسلمها، وأقطعها ابن المشطوب، في المحرم من سنة ثمان وتسعين وخمسمائة.
ثم دخل إلى حلب، وأقطع ميمون القصري عزاز، وشيح، وبلد الخوار، وأقطع أيبك فطيس أقطاعاً أرضاه، وعاد عنه سراسنقر، وتسلم السلطان أفامية من ابن المقدم، وعوضه عنها بالراوندان.
وتوفي وزير السلطان الملك الظاهر جمال الدين أبو غالب عبد الواحد بن الحصين البغدادي في شعبان سنة سبع وتسعين، وكان في خدمة أبيه الملك الناصر، فانتقل بعد موته إلى حلب، ووزر له، وصار وزيره بعده نظام الدين أبو المؤيد محمد ابن الحسين.
ووصل الملك العادل إلى دمشق، فتوجه إليه الملك المجاهد صاحب حمص، ومعه الملك الأفضل، وترقق إليه، فأعطى الملك الأفضل شيحتان وجملين والموزر وقلعة السن وسميساط. وسار إليها الملك الأفضل، ونزل الملك العادل إلى حماة، وراسل الملك الظاهر، حتى استقر الصلح بينه وبينه، على أن خطب له الملك الظاهر بحلب، وضرب السكة باسمه مع اسمه، في شهر جمادى الآخرة، من سنة ثمان وتسعين وخمسمائة.
وصعد الرسول شمس الدين بن التنبي إلى المنبر، وقت إقامة الدعوة له، يوم الجمعة، ونثر ذهباً كثيراً على الناس. وبلغ الملك الظاهر، عن ابن المشطوب، أنه كان قد عزم على المخامرة، فسير إلى منبج العسكر، وأخذها منه، وعفا عنه، وهدم قلعتها وسورها، فمضى ابن المشطوب إلى الشرق.
وجمع الملك الظاهر العرب في دابق، لأخذ العداد منهم، وخاف ابن المقدم منه، فهرب إلى الراوندان، ليعصي بها، فسار الملك الظاهر خلفه، ولم يمهله،