ليس في خزانته من المال يوم وفاته سوى دينار واحد صوري، وسبعة وأربعين درهماً نقرة. ودعوته على المنابر من أقصى حضرموت في الجنوب إلى أوائل بلاد أراينه في الشمال عرضاً، ومن طرابلس الغرب إلى باب همذان طولاً. ونقودها من الدراهم والدنانير مضروبة باسمه، وعساكرها مطيعة لأمره، سائرة تحت لوائه. ومن جملة ملكه ديار مصر، والشام جميعه، والجزيرة وديار بكر، واليمن.

تلك المكارم لا قعبان من لبن ... شيبا بماء فعادا بعد أبوالا

وكان وزيره القاضي الفاضل عبد الرحيم بن علي البيساني، صاحب البلاغة في الكتابة.

واستقر ملك ابنه السلطان الملك الظاهر غازي ابن الملك الناصر يوسف بن أيوب لحلب، والبيرة، وكفر طاب، وعزاز، وحارم، وشيزر، وبارين، وتل باشر. واستقل بملك حلب، وأنعم على رعيته، واستمال قلوبهم بالإحسان، وعمل بوصية أبيه في الأفعال الحسان. وشارك أهل حلب في سرورهم والحزن، وقلد أعناقهم أطواق الأنعام والمنن، وجالس الكبير منهم والصغير. واستمال الجليل والحقير. وكان رحمه الله مع طلاقة وجهه، من أعظم الملوك هيبة، وأشدهم سطوة، وأسدهم رأياً، وأكثرهم عطاء. وكانت الوفود في كل عام تزدحم ببابه من الشعراء، والقراء، والفقراء، وغيرهم. وكان يوسعهم فضلاً وإنعاماً. ويوليهم مبرة وإكراماً.

ولم يجتمع بباب أحد من الملوك بعد سيف الدولة بن حمدان ما اجتمع ببابه رحمه الله وزاد على سيف الدولة في الحباء والفضل والعطاء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015