بكاس والشغر وسرمانية وبرزية

وصعد السلطان جريدة إلى القلعة، وهي على جبل مطل على العاصي، فأحدق بها من كل جانب، وقاتلها قتالاً شديداً بالمنجنيقات والزحف. وفتحها يوم الجمعة تاسع جمادى الآخرة عنوة، وأسر من كان بقي فيها، وغنم جميع ما كان فيها. وكان لها قلعة تسمى الشغر قريباً منها يعبر من إحداهما إلى الأخرى بجسر، فضربها بالمنجنيقات إلى أن طلبوا الأمان، ثم سلمها أهلها بعد ثلاثة أيام، يوم الجمعة سادس عشر الشهر.

ثم عاد السلطان إلى الثقل، وسير ولده الملك الظاهر إلى قلعة تسمى سرمانية يوم السبت، فقاتلها قتالاً شديداً، وتسلمها يوم الجمعة ثالث عشري الشهر المذكور.

واتفق له هذه الفتوحات المتتابعة كلها في أيام الجمع. وكذلك القدس يوم الجمعة. ثم سار السلطان جريدة إلى حصن برزية وهو الذي يضرب به المثل في الحصانة، ويحيط به أودية من سائر جوانبه، وعلوها خمسمائة ذراع ونيف وسبعون ذراعاً، فتأمله وقوى عزمه على حصاره، واستدعى الثقل وبقية العسكر، يوم السبت رابع عشري جمادى الآخرة. فنزل الثقل تحت الجبل.

وفي بكرة الأحد صعد السلطان جريدة، مع المقاتلة، والمنجنيقات، وآلات الحصار إلى الجبل، فأحدق بالقلعة، وركب المنجنيقات عليها فقاتلها ليلاً ونهاراً. ثم قسم العسكر على ثلاثة أقسام، يوم الثلاثاء. ورتب كل قسم يقاتل شطراً من النهار، بحيث لا يفتر القتال عليها.

وحضرت نوبة السلطان، فتسلمها بنفسه، وركب، وصاح في الناس، فحملوا حملة الرجل الواحد، وطلعوا إلى الأسوار، وهجموها عنوة، ونهبوا جميع ما فيها،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015