والسلطان الملك الناصر مقيم بالميدان الأخضر، إلى يوم الخميس ثالث وعشرين من صفر. فنرل عماد الدين من القلعة ورتب فيها طمان مقيماً بها، إلى أن يتسلم نواب عماد الدين ما اعتاض به عن حلب، واستنابه في بيع جميع ما كان في قلعة حلب، حتى باع الأغلاق والخوابي، واشترى الملك الناصر منها شيئاً كثيراً.
ونرل عماد الدين، في ذلك اليوم إلى السلطان الملك الناصر وعمل له السلطان وليمة واحتفل وقدم لعماد الدين أشياء فاخرة من الخيل والعدد، والمتاع الفاخر. وهم في ذلك إذ جاءه بعض أصحابه وأسر إليه بموت أخيه تاج الملوك لما، فلم يظهر جزعاً ولا هلعاً، وكتم ذلك عن عماد الدين، إلى أن انقضى المجلس، وأمرهم بتجهيزه.
فلما انقضى أمر الدعوة، وعلم عماد الدين بعد ذلك عزاه عن أخيه، وسار السلطان الملك الناصر معه مشيعاً في ذلك اليوم، فسار حتى نرل مرج قراحصار فنرل به، والسلطان في خيمته إلى أن وصل عماد الدين رسل أصحابه يخبرونه بأنهم تسلموا سنجار، والمواضع التي تقررت له معها، فرفعت أعلام الملك الناصر، عند ذلك على القلعة. وصعد إليها في يوم الاثنين السابع والعشرين، من صفر، من سنة تسع وسبعين وخمسمائة.
وامتنع سرخك، والي حارم، من تسليمها إلى السلطان الملك الناصر، فبذل له ما يجب من الإقطاع، فاشتط في الطلب. وراسل الفرنج، ليستنجد بهم، فسمع بعض الأجناد، بقلعة حارم، ذلك، فخافوا أن يسلمها إلى الفرنج، فوثبوا عليه، وحبسوه، وأرسلوا إلى السلطان، يعلمونه ذلك، ويطلبون منه الأمان والإنعام، فأجابهم إلى ذلك وتسلمها.