فاستدعى بعض من يثق إليه من المستحفظين بالقلعة، وأسر إليهما أنهم لا يسلمونها، ولو قطع، ثم قال لهما جهراً: بعلامة كذا وكذا، سلموا. فصعد إلى القلعة، وأظهر من فيها العصيان والمقاتلة، فعذب عذاباً شديداً، وعلق برجليه، وسقط بالخل، والكلس. والدخان، وعصر، وأصحابه يشاهدونه، ولا يجيبون إلى التسليم.

وخرج الفرنج من أنطاكية، يطلبون حارم، فتقدم الملك الصالح بخنق كمشتكين، فخنق بوتر، وأصحابه يشاهدونه ولا يسلمون، وكسروا يديه وعنقه، ورموه إلى خندق حارم، فحين علم الفرنج ذلك ساروا إلى شيزر.

ودخل الملك الصالح إلى حلب، وخلف العسكر بأرض عم وجاشر، حول حارم، يمنعونها من الفرنج، ويباكرونها كل يوم لطلب التسليم، ومقدم العسكر طمان بن غازي وكان من أكبر الأمراء.

وعاد الفرنج إلى حماة فحصروها، ولم يظفروا بطائل، وطمعوا في حارم، لعصيان أصحاب كمشتكين بها، وظنوا أن الملك الصالح صبي، وعسكره قليل، والملك الناصر بمصر، فلا ينجدهم إلا بعد أن يأخذوا حارم، فنزلوا عليها، ومعهم كند كبير من الفرنج، كان قد خرج من البحر إلى الساحل، يقال له كند قلنط لماني، ومعهم البرنس، وابن لاون، والقومص صاحب طرابلس، فندم من بحارم، حيث لم يسلموها إلى الملك الصالح.

وحصرها الفرنج، وضايقوها بالمجانيق والسلالم، فصاح من فيها: صلاح الدين يا منصور! فأحضروا خيمة، كانوا أخذوها من خيم الملك الناصر في كسرة الرملة في هذه السنة، وأخبروهم بالكسرة ليضعفوا عزيمتهم، وعسكر حلب بإزائهم من عم إلى تيزين.

ودخلت سنة أربع وسبعين: والفرنج مجدون على قتال حارم، ونقبوا في تل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015