الخشاب يريد أن يملك البلد وقد مال إليه الشيعة وبعض السنة، فتعينني بنقابين وزراقين حتى أقبض عليه، وأعتقله، إلى أن يحضر الملك الصالح.
فأمر الأجناد بلبس السلاح والخروج معه، وصار بهم إلى تل فيروز وهو موضع سوق الصاغة الآن وكان إذ ذاك تلا. وأخذوا الفلايج والأبواب، وسدوا بها الدروب، وزحفوا من الطرق والأسطحة، إلى دار ابن الخشاب. ووقع قتال شديد، وقتل بين الفريقين جماعة كثيرة، وانتهى إلى الدار، فأحرقها ونهبها، ونهب أدر جماعة من المجاورين له.
وانهزم القاضي أبو الفضل، واختفى في دار فخرا وابن كياعميد بالقرب من حمام شراحيل، فأقام بها إلى أن وصل الملك الصالح في المحرم، من سنة سبعين وخمسمائة، وصعد إلى القلعة، وقبض على بني الداية كما ذكرنا وصار الأمر والتدبير إلى سعد الدين كمشتكين الخادم، وهو الذي بني الخانكاه المنسوبة إليه بحلب، في جوارنا، وهي كانت دار أبي الطيب المتنبي، بحلب.
وكان شمس الدين علي قد عزم على أن الملك الصالح إذا قدم أخذه بمفرده، وصعد به إلى القلعة. ولا يمكن أحداً من الأمراء من الصعود، ويطردهم، ويستقل بالأمور.
فسير شاذبخت من أسر ذلك إلى الأمراء الدين كانوا في صحبة الملك الصالح فاتفق رأيهم في قنسرين على قبض أولاد الداية، وتحالفوا على أن قدموا كمشتكين، فلما رحلوا من قنسرين، بدأوا بسابق الدين، وكان قد وجه إلى دمشق في تقرير الأمور، فقبضوه، وحفظوا الطرق لئلا يصل إلى حلب من يخبر أخويه، إلى أن صعدوا إلى القلعة كما ذكرنا.
وأما أبو الفضل بن الخشاب، فإن الملك الصالح أمنه، وسير له خاتماً، وركب إلى القلعة، ومعه خلق كثير من أهل حلب، وعوامها، يمشون في خدمته، وأكد أمره، وقرر على أن يقتل. فلما دخل إلى القلعة، ووصل قدام الفرن بالقلعة، ضربه علي أخو عز الدين جورديك فرماه. وجاء بعض أجناد القلعة فاحتز رأسه، وجعلوه على باب القلعة. ثم رفع على رمح إلى برج بالقلعة، يقال له برج الزيت وتفرق أصحابه من تحت القلعة، عند ذلك.
واستو لى على دولة الملك الصالح أمير لالا المجاهد ياقوت، وهو الحاكم